وإن كَانَ التكبر بالقوة فالعلاج أن يعلم أن القوة لله جميعاً ويعلم ما سلط عَلَيْهِ من العلل والأمراض، وأنه لَوْ أصابه عود يسير ودخل فِي لحمه لأقلق راحته، وأقض مضجعه ولَوْ وجع أصبع أو عرق من عروق بدنه لتألم وصار أعجز من كُلّ عاجز، وأذل من كُلّ ذليل، وأن البعوضة والجرثومة الدقيقة إِذَا سلطت عَلَيْهِ أهلكته وإن حمي ساعة تحلل من بدنه ما لا ينجبر بالمدة الكثيرة، قال الشاعر:
فمن كَانَ هذه حاله فلا يليق به الكبر، ثُمَّ من البهائم ما هُوَ أقوي بكثير منه، وأي افتخار وتعاظم فِي صفة يسبقه فيها الحمار. والبغل والثور والفيل.
وإن كَانَ التكبر بالْمَال فبأن يعرف ويعلم أنه عرض زائل، وفِي معناه التكبر بكثرة الأتباع والأنصار، ويُقَالُ لها كثرة الشعبية، وكَذَلِكَ التكبر بولاية السلاطين والأمراء، وكل ذَلِكَ تكبر بأمر خارجي أي خارج عن ذات الإنسان وهَذَا أقبح أنواع الكبر، فإن المتكبر بماله أو عقاره لَوْ ذهب ماله أو انهدم عقاره أو تلف لعاد فِي لحظة ذليلاً من أذل الخلق وكل متكبر بأمر خارج عن ذاته من أجهل الخلق، كيف والمتكبر بالْمَال لَوْ تأمل لرأي فِي إليهود والنصاري وغيرهم من الكفرة من يزيد عَلَيْهِ فِي الْمَال والتجمل والثروة، فأف لشرف يسبقك به يهودي ونحوه، ويأخذه سارق أو نحوه فِي لحظة،