للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى كذا سيرا مع أصل التعبد، يقرر هذا مع وجود أدلة لكل من الفريقين على الذي جنح اليه من الأحكام.

فأغلب الظن أنه يرى في أمثال هذه المسائل أن السلك الذي انتظم أدلة الحنفية هو التعليل، وفي مقابله التعبد عند الشافعية.

فطريقة الاستدلال تسيرها روح معينة قائمة على اعتبار التعليل أو التعبد في تلك الأحكام، وهذا كاف عنده في ارتباط الفرع بالأصل، مادام لكل إمام سنده من الشرع، ولم يكن ما جنح اليه عن هوى أو تغاض عن مدلولات الشريعة وروحها العامة.

ونود أن نشير إلى انه في تحريره لقواعد أصول الفقه قد نزع في عدد منها إلى غير ما اشتهر عند جمهور الأصوليين من متقدمين أو متأخرين، كما حدث في مسائل الأمر المطلق واقتضائه التكرار والفور، واقتضاء الأمر بالشئ النهي عن ضده، ومسألة العموم في المقتضى (١).

وفي مسألة المصلحة - رغم الأخذ والرد حول رأي الشافعي فيها وما يحكيه في كتاب «ابطال الاستحسان» من كلام يشمل بعضه مع استحسان الحنفية، المصالح المرسلة عند المالكية - اعتبر مؤلفنا ان من الجائز عند الشافعي التمسك بالمصلح المستندة إلى كلي الشرع، وإن لم تكن مستندة إلى الجزئيات الخاصة المعينة (٢).

وهذا حين يدل على شيء فإنما يدل على ان الزنجاني على جانب يذكر من فقه النفس وفهم مقاصد الشريعه، والادراك لمرامي الأئمة في اجتهادهم، وما ذهبوا اليه عند استنباط الأحكام من حفاظ على حدود الشريعة، والتزام الجادة التي سلكها سلف هذه الأمة من قبل.


(١) راجع الصفحات ١٤٥، ١٢٨، ٢٢.
(٢) راجع ص ١٦٩.

<<  <   >  >>