إنهم ليسوا بمتوكلين ولكنهم متواكلون، بمعنى أنهم مفرطون مهملون، فلو أن أحدًا قال: سأعتمد على الله تعالى في جلب الرزق وهو قادر على فعل الأسباب ولكن لم يفعل قلنا: أنت مهمل متواكل، افعل السبب:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}[الملك: ١٥]، قد يقول: ربما يموت قريب لي فأرثه فهذا من رزق الله، فنقول: فإذا لم يمت تقتله؟ نعوذ بالله ولو قتله ليأخذ ماله حُرِمَ من الميراث؛ لأن القاتل عمدًا لا يرث، فالحاصل أنه لابد لصحة التوكل من فعل الأسباب التي أمر الله بها، أما الأسباب التي لم يأمر الله بها فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعاطاها.
وقوله:{فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} أمر المؤمنين أن يتوكلوا على الله؛ لأنه لا يمكن أن يحقق التوكل إلا المؤمن، فالتوكل من مقتضيات الإيمان، والإيمان الحقيقي من أسباب التوكل على الله.
١ - تحريم اتخاذ البطانة التي ليست مِنَّا؛ لقوله:{لَا تَتَّخِذُوا} والأصل في النهي التحريم.
٢ - أن هذا التحذير ليس خاصًّا بولاة الأمور، بل كل إنسان لا يجوز له أن يتخذ بطانة من دونه حتى الواحد الفرد، بمعنى أنها ليست على طريقه ولا على منهاجه، فلو أن رجلًا مسلمًا صَادَقَ كافرًا واتخذه بطانة يسرُّ إليه بالأمور لقلنا: إن هذا حرام عليه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا