١ - تبرئة إبراهيم من دين اليهود والنصاري، أو من طريق اليهود والنصاري. فقد ذكرنا أن الآية لها معنيان؛ فإبراهيم عليه الصلاة والسلام ليس يتدين بدين اليهود؛ لأن دين اليهود من بعده. ولا بدين النصاري؛ لأن دين النصاري من بعده. كذلك أيضًا إبراهيم عليه الصلاة والسلام ليس كالنصاري واليهود يتعصبون لما هم عليه بحق أو بباطل، بل كان حنيفًا مسلمًا، منقادًا لأمر الله، يأتمر بأمر الله، وينتهي بنهي الله.
٢ - أنه ينبغي لمن لم يتصف بوصف أن يُبيِّن براءته منه، ولو كان هذا الوصف في أصله محمودًا. لكن إذا كان لم يتصف به فالواجب أن يُبَيَّن؛ لأن الله نفي أن يكون إبراهيم يهوديًا أو نصرانيًا. مع أن اليهودية بعد بعثة موسي والنصرانية بعد بعثة عيسي كانتا حقًّا قبل أن تنسخا.
٣ - الثناء علي إبراهيم؛ لقوله:{وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وجه الثناء عليه: بأنه وصفه بالتوحيد الخالص الذي لا يشوبه أي نوع من الشرك.
٤ - الإشارة إلي ما اشتهر عند الناس من أن (التخلية قبل التحلية). يعني البداءة بالنفي قبل الإثبات؛ لأن النفي تخلية والإثبات تحلية. فهنا بدأ بالنفي وهو {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا} ثم أثبت بقوله: {وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا} والظاهر أن هذا الترتيب موافق للطبيعة؛ لأنك تخلي الشيء مما يشينه أولًا، ثم تضيف ما يكون به الكمال ثانيًا، وفي حديث الاستفتاح: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق