الإنسان إذا همَّ بالمعصية أو بالذنب ثم حصل له من عند الله ما يمنعه منه فهذه ولاية خاصة من الله لا شك، فكثيرًا ما يهمُّ الإنسان بالذنب أو بترك الواجب يعني بالذنب من فعل المعصية أو ترك واجب فيجد في قلبه إذا هَمَّ بالمحرم انحلالًا عن هذه الهمة وعدولًا عنها، هذه ولاية من الله، وأحيانًا يهم بترك الواجب فيقيِّض الله له من يعينه عليه حتى يفعل، هذه أيضًا ولاية خاصة، فهاتان القبيلتان لمّا همتا تولاهما الله عزّ وجل بعنايته فلم تفشلا وبقيتا مع الجيش، وكان بعض هاتين الطائفتين يقول فرحا لقد كان من حظهم أن الله أخبر عنهم بهذا الخبر لأنه أخبر بأنهما همَّتا أن تفشلا، وأخبر بخبر آخر سارٍّ ومنقبة لهما وهو أن الله وليهما.
{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}:
"على الله" متعلقة بـ"يتوكل" وقدّمت لإفادة الحصر أي على الله لا على غيره فليتوكل، والتوكل: قال أهل العلم: هو صدق الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به وفعل الأسباب التي أمر بها، هذا التعريف طويل ولكنه جامع، إذن لا يكفي أن تصدق الاعتماد على الله حتى يكون في قلبك ثقة بأن الله سيعينك ويكفيك كما قال تعالى:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣]. ولا يكفي أيضًا أن تعتمد على الله وتثق به حتى تفعل الأسباب التي أمر بها؛ لأنك إن لم تفعل الأسباب التي أمر بها كنت متواكلًا لا متوكلًا، ويذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قيل له: إن قومًا من أهل اليمن جاؤوا حجاجًا وليس معهم زاد فقالوا: نحن المتوكلون. فقال: