وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام فإن هذا هو الخوف، وانظروا الآن لمَّا فُتِحت الدنيا على الناس حصل الهلاك، بل حتى الذين لم تُفتح عليهم إذا سمعوا من فُتحت عليهم هلكوا.
قوله:{لَتُبْلَوُنَّ}: هذه الجملة مؤكَّدة كما هو معلوم بثلاثة مؤكدات:
لام التوكيد، واللام، والقسم المقدر؛ لأن اللام هذه موطأة للقسم أي (والله لتبلون).
والابتلاء: الاختبار، والله سبحانه أحيانًا يختبر بخير وأحيانًا يختبر بِشَرِّ كما قال تعالى:{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥]، وكما قال تعالى عن سليمان:{قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}[النمل: ٤٠]، وذلك أن الإنسان دائر بين حالين إما شيء يسر به ويفرح به، فهذا وظيفته الشكر، وإما شيء يسوؤه ويحزنه فهذا وظيفته الصبر، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:"عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له" وقال: "ذلك لا يكون إلا للمؤمن"(١).