للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الله تعالى: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ} [آل عمران: ١٦٧] فانخذلوا ولكن الصحابة رضوان الله عليهم بثباتهم وإيمانهم لم يضرهم ذلك شيئًا، واستمروا حتى نزلوا أُحدًا، ولما نزلوا عبَّأهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن تعبئة ورتَّبهم واختار منهم خمسين رجلًا من الرُّماة، وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم، جعلهم في سفح الجبل على شعبة منه قال: لا تبرحوا مكانكم سواء كانت لنا أم علينا، فبقوا يحمون ظهور المسلمين، فحصل القتال في أول النهار وكانت الدائرة على المشركين فتولوا الأدبار فجعل المسلمون يجمعون الغنائم، فلما رأى أهل الجبل حال المسلمين وأن المشركين قد ولّوا الأدبار وصار المسلمون يجمعون الغنائم قالوا: ننزل لنساعد إخواننا في جمع الغنائم فقد انتهت الحرب، فذكَّرهم أميرهم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبرحوا مكانكم سواء كانت لنا أم علينا، ولكنهم أصروا إلا أن ينزلوا فنزلوا، فلما رأى فرسان قريش أن الثغر خالٍ وليس هناك أحد يحمي المسلمين من ورائهم كروا عليهم بخيولهم من خلفهم ودخلوا، وكان على رأسهم قائدان عظيمان هما خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل قبل إسلامهما رضي الله عنهما، فاختلط الناس بالمسلمين من ورائهم وحصل ما قضى الله وأراد لحكمة عظيمة، وقُتل من المسلمين سبعون رجلًا وجُرح النبي عليه السلام، وكُسرت رباعيته، وشجَّ وجهه حتى كانت ابنته فاطمة تأتي بالحصير تحرقه وتذر رماده على جُرح النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن الدم يندفع، وحصل من الابتلاء والامتحان ما الله قد قضاه وقدّره لحكمة عظيمة حتى يعلم الناس أن الله تعالى له الحكم وإليه المنتهى، وحتى يعلم الناس أنه لا نصر مع

<<  <  ج: ص:  >  >>