للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبب هذه الغزوة أن قريشًا لما قُتل من صناديدهم من قتل في بدر، سبعون رجلًا من كبرائهم، وأُسر منهم سبعون رجلًا، أرادوا أن يأخذوا بالثأر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرجوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام يريدون قتاله، وكانوا ثلاثة آلاف معهم العدة الكثيرة يريدون النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقضوا عليه، فعسكروا حول المدينة، فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - استشار الصحابة هل يخرج إليهم أو لا؟ أما شباب الصحابة الذين لم يحضروا بدرًا فأشاروا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج وقالوا: نخرج نقاتلهم، وأما بعض الصحابة فسكتوا، وأما المنافقون فقالوا: لا نخرج إليهم بل ندعهم فإن بقوا بقوا على شر حال، وإن ملوا رجعوا إلى مكة، وإن دخلوا المدينة نقاتلهم نحن بالسيوف ويقاتلهم النساء والصبيان بالحجارة من على السطوح، كذلك قال المنافقون لا نصحًا لله ورسوله ولكن جبنًا وخورًا وخداعًا وغشًا، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - بيته ولبس لأمة الحرب وتهيأ عليه الصلاة والسلام، فقال بعض الصحابة: لعلنا استكرهنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخروج يعني ندموا، قالوا: ليتنا لم نتكلم بهذا، فلما خرج ولبس لأمة الحرب -وهو ما يوضع على الرأس- وتهيأ قالوا: يا رسول الله، إن شئت أن لا نخرج فعلنا، فقال عليه الصلاة والسلام: "ما كان ينبغي لنبي لبس لأمة الحرب أن يضعها حتى يفتح الله بينه وبين عدوه" (١). فمضى وخرج من المدينة ومعه ألف مقاتل، وفي أثناء الطريق رجع عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين بنحو ثلث الجيش وقالوا: لو نعلم قتالًا لاتبعناكم،


(١) انظر: مسند أحمد، رقم (١٤٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>