والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد" (١) فالمباعدة أن لا أمارس الذنوب والخطايا، والتنقية أن تزال، أن يزال هذا الأذي، والغسل أن يطهر وينظف. وأضرب مثلًا يتبين به المعني: إنسان معه أذي يريد أن يضعه علي بساط الصلاة فأقول: لا تضعه. هذه مباعدة. وآخر جاء به فوضعه فقلت: انزعه. هذه تنقية. المرتبة الثالثة: لما نزعه قد يكون في مكانه أثر أقول: اغسله.
٥ - أنه لابد في التوحيد من شيئين: نفي وإثبات، النفي في قوله:{وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا} والإثبات في قوله: {مُسْلِمًا} لأن الحنيف هو المائل عن الشرك وعن كل دين يخالف الإسلام. والإسلام هو إثبات الاستسلام لله عزّ وجل، وأكد ذلك بقوله:{وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، والتوحيد لا يتم إلا بإثبات ونفي .. والتعليل ظاهر جدًّا؛ لأن النفي تعطيل، والإثبات بدون نفي لا يمنع المشاركة، والجمع بينهما إثبات مع نفي المشاركة. نضرب مثلًا: إذا قلت: ليس هنا أحد قائم، هذا نفي، هذا تعطيل. يعني صفة القيام الآن معطلة لم يتصف بها أحد. وإذا قلت: زيد قائم، هذا إثبات أن زيدًا قائم، فأثبت القيام الآن لواحد من الناس. لكن هل هذه العبارة تمنع أن يكون غير زيد قائمًا؟ الجواب: لا تمنع، قد يكون واحد آخر غير زيد قائمًا. ولهذا إذا قلت أنا:
(١) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقال بعد التكبير، رقم (٧٤٤). ورواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، رقم (٥٩٨).