للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنَ الْأَكْثَرِ إِلَى الْأَقَلِّ، وَقَدْ يَنْعَكِسُ.

مِثَالُ الْأَوَّلِ: جَنَى عَلَى نَصْرَانِيٍّ، فَتَمَجَّسَ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ قُلْنَا: يُقِرُّ النَّصْرَانِيُّ إِذَا تَمَجَّسَ عَلَى التَّمَجُّسِ، فَعَلَى الْجَانِي دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُقِرُّ، فَهُوَ كَمَا لَوِ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ.

فَعَلَى الْأَصَحِّ: يَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى نَصْرَانِيٍّ وِدِيَةُ نَفْسِهِ، وَعَلَى قَوْلِ الْإِصْطَخْرِيِّ: يَجِبُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَوْ جَرَحَ نَصْرَانِيًّا، فَنَقَضَ الْمَجْرُوحُ الْعَهْدَ، وَالْتَحَقَ بِالْحَرْبِ، ثُمَّ سُبِيَ وَاسْتُرِقَّ، وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ.

وَيَجِبُ قِصَاصُ الطَّرَفِ إِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ بِقَطْعِ طَرَفٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْمَالَ، فَفِيمَا يَجِبُ، قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ حُرًّا، وَكَمَالُ قِيمَتِهِ عَبْدًا، وَعَلَى هَذَا هُوَ لِوَرَثَتِهِ النَّصَارَى، سَوَاءٌ كَانُوا عِنْدَنَا أَمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ وَالرُّويَانِيُّ، وَفِي قَوْلٍ غَرِيبٍ، يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ.

قُلْتُ: قَدْ جَزَمَ الْبَغَوِيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ بَدَّلَ رُوحَهُ وَكَانَتْ مِلْكَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَظْهَرُهُمَا: أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهُ بَالِغَةٌ مَا بَلَغَتْ، وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ، فَالْوَاجِبُ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ كَانَ الْقِيمَةُ أَكْثَرُ، فَقَدْرُ الْأَرْشِ لِلْوَارِثِ، وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ أَنَّ الَّذِي مَلَكَهُ أَعْتَقَهُ، فَمَاتَ حُرًّا فَقَوْلَانِ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأَرْشِ وَدِيَةِ حُرٍّ ذِمِّيٍّ.

وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَالْوَاجِبُ لِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ وَمَاتَ، فَفِي الْقِصَاصِ قَوْلَانِ، وَفِي الْمَالِ الْوَاجِبِ قَوْلَانِ.

هَلْ هُوَ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، أَمْ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأَرْشِ وِدِيَةِ حُرٍّ مُسْلِمٍ؟ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ.

مِثَالُ الْعَكْسِ: جَرَحَ ذِمِّيًّا، فَأَسْلَمَ، أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ، فَعَتَقَ، ثُمَّ مَاتَ، نَظَرَ، إِنْ مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِي الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ، لَزِمَهُ كَمَالُ قِيمَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَمْ بَعْدَهُ.

وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الِانْدِمَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>