أَوْ مُسْتَأْمَنًا فَنَقَضَ الْعَهْدَ، وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ جَدَّدَ الْعَهْدَ، وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَنَّ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ قَوْلَيْنِ، وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: وُجُوبُ الْقِصَاصِ، لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِصَاصِ فِي حَالَتَيِ الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ، وَالثَّانِي: لَا، لِتَخَلُّلِ حَالَةِ الْإِهْدَارِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: تَنْزِيلُ النَّصَّيْنِ عَلَى حَالَيْنِ، فَحَيْثُ قَالَ: لَا قِصَاصَ، أَرَادَ إِذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْإِهْدَارِ، بِحَيْثُ يَظْهَرُ أَثَرُ السِّرَايَةِ، وَحَيْثُ قَالَ: يَجِبُ، فَذَلِكَ إِذَا قَصُرَتِ الْمُدَّةُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِلسِّرَايَةِ أَثَرٌ، وَإِذَا قُلْنَا بِطَرِيقَةِ الْقَوْلَيْنِ، فَفِي مَوْضِعِهِمَا طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: تَخْصِيصُهُمَا بِمَا إِذَا قَصُرَتِ الْمُدَّةُ، فَإِنْ طَالَتْ، لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ قَطْعًا، وَالثَّانِي: طَرَدَهُمَا فِي الْحَالَيْنِ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَابْنُ سَلِمَةَ وَابْنُ الْوَكِيلِ.
وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: تَخْصِيصُ الْقَوْلَيْنِ بِقَصْرِ الْمُدَّةِ، وَالْأَظْهَرُ مِنْهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، أَنَّهُ لَا قِصَاصَ، وَأَمَّا الدِّيَةُ، فَفِيهَا أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَالثَّانِي: نَصِفُهَا، وَالثَّالِثُ: ثُلُثَاهَا، وَالرَّابِعُ: أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ كُلِّ الدِّيَةِ وَأَرْشُ الْجِرَاحَةِ، وَهَذَانَ الْأَخِيرَانِ مُخْرَجَانِ.
ثُمَّ قَالَ الْجُمْهُورُ: تَخْتَصُّ الْأَقْوَالُ بِمَا إِذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْإِهْدَارِ، فَإِنْ قَصُرَتْ، وَجَبَ كُلُّ الدِّيَةِ قَطْعًا، وَقِيلَ بِطَرْدِهَا فِي الْحَالَيْنِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ، فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى الْمَالِ، فَفِيهِ هَذَا الْخِلَافُ.
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: إِذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ، فَعُفِيَ، وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا لَمْ نُوجِبْ قِصَاصًا، وَهَذَا أَرْجَحُ.
فَرْعٌ.
رَمَى إِلَى مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ وَعَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَيَجِيءُ فِيهِ قَوْلٌ.
الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَطْرَأَ مَا يُغَيِّرُ قَدْرَ الدِّيَةِ، فَيَجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ يَوْمَ الْمَوْتِ، لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ التَّالِفِ، فَيُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّلَفِ، وَقَدْ يَكُونُ التَّغَيُّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute