فَإِنِ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِنَفْسِهِ، فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا قِيمَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ، فَعَلَى الْجَانِي ضَمَانُهُ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ، لِأَنَّ لَهُ بَدَلَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي الْغُرَّةُ، وَلِلْمَالِكِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ. فَإِنِ اسْتَوَيَا، ضَمِنَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْغُرَّةِ أَكْثَرَ، فَكَذَلِكَ، وَالزِّيَادَةُ تَسْتَقِرُّ لَهُ بِحَقِّ الْإِرْثِ. وَإِنْ نَقَصَتِ الْغُرَّةُ عَنِ الْعُشْرِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ تَمَامَ الْعُشْرِ. وَالثَّانِي: لَا يَضْمَنُ إِلَّا قَدْرَ الْغُرَّةِ. وَلَوِ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَلَوْ أَحْبَلَ الْغَاصِبُ وَمَاتَ وَتَرَكَ أَبَاهُ، ثُمَّ انْفَصَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، فَالْغُرَّةُ لِجَدِّ الطِّفْلِ.
ثُمَّ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَالِكِ مَا كَانَ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَ الْغَاصِبِ أُمُّ أُمِّ الْجَنِينِ، فَوَرِثَتْ سُدُسَ الْغُرَّةِ، قُطِعَ النَّظَرُ عَنْهُ، وَنُظِرَ إِلَى عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْغُرَّةِ، وَكَأَنَّهَا كُلُّ الْغُرَّةِ، وَالْجَوَابَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَرَأَى الْإِمَامُ إِثْبَاتَ احْتِمَالَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ يُنْظَرُ فِي أَحَدِهِمَا، إِلَى أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْغُرَّةَ، يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِلْمَالِكِ. وَيُسْتَبْعَدُ فِي الْآخَرِ تَضْمِينُ مَنْ لَمْ يَغْصِبْ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: الْغُرَّةُ تَجِبُ مُؤَجَّلَةً، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْغَاصِبُ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ إِذَا أَخَذَ الْغُرَّةَ. وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِيهِ. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الْوَلَدِ الْمَحْكُومِ بِحُرِّيَّتِهِ.
وَفِي وَجْهٍ: لَا يُنْظَرُ إِلَى عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، بَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لَوِ انْفَصَلَ حَيًّا. وَفِي وَجْهٍ: يَغْرَمُ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْغُرَّةِ. وَدَعْوَى الْجَهْلِ فِي هَذَا كَدَعْوَاهُ إِذَا لَمْ تَحْبَلْ عَلَى مَا سَبَقَ. وَحَكَى الْمَسْعُودِيُّ خِلَافًا فِي قَبُولِهَا لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ قَبِلَتْ لِدَفْعِ الْحَدِّ. وَيَجِبُ فِي حَالَتَيِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ أَرْشُ نَقْصِ الْجَارِيَةِ إِنْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ، فَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ وَجَبَ أَقْصَى الْقِيَمِ، وَدَخَلَ فِيهِ نَقْصُ الْوِلَادَةِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ. وَلَوْ رَدَّهَا وَهِيَ حُبْلَى، فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِالْوِلَادَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ فِي «الْمُطَارَحَاتِ» : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَتْ بِوِلَادَةِ وَلَدِهِ. وَنَقَلَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ قَوْلَيْنِ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي الْقَوْلَيْنِ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute