فَرْعٌ
إِذَا تَكَرَّرَ وَطْءُ الْغَاصِبِ أَوِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْجَهْلِ، لَمْ يَجِبْ إِلَّا مَهْرٌ، لِأَنَّ الْجَهْلَ شُبْهَةٌ وَاحِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ، فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا. وَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَجَبَ الْمَهْرُ، لِكَوْنِهَا مُكْرَهَةً. أَوْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ مَعَ طَاعَتِهَا، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الِاكْتِفَاءُ بِمَهْرٍ. وَأَصَحُّهُمَا: يَجِبُ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَهْرٌ. وَإِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً عَالِمًا، وَمَرَّةً جَاهِلًا وَجَبَ مَهْرَانِ.
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا، فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَطْءُ مُحْبِلًا.
[أَمَّا] إِذَا أَحْبَلَ الْغَاصِبُ أَوِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلْمَالِكِ غَيْرُ نَسِيبٍ، لِكَوْنِهِ زَانِيًا. فَإِنِ انْفَصَلَ حَيًّا، فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ، فَبَدَلُهُ لِسَيِّدِهِ، أَوْ بِلَا جِنَايَةٍ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ: الْوُجُوبُ، لِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ، وَبِهِ قَالَ الْأَنْمَاطِيُّ وَابْنُ سَلَمَةَ وَاخْتَارَهُ الْقَفَّالُ. وَبِالْمَنْعِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْإِمَامُ، وَالْبَغَوِيُّ، لِأَنَّ جِنَايَتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ، وَسَبَبُ الضَّمَانِ هَلَاكُ رَقِيقٍ تَحْتَ يَدِهِ. وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ الْمَغْصُوبَةِ إِذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ، فَهُوَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ لَوْ كَانَ حَيًّا فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ وَالْبَهِيمَةِ جَمِيعًا، وَخَرَّجَ الْإِمَامُ وَجْهًا فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ، تَنْزِيلًا لِلْغَاصِبِ مَنْزِلَةَ الْجَانِي. أَمَّا إِذَا كَانَ الْوَاطِئُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، فَالْوَلَدُ نَسِيبٌ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ إِنِ انْفَصَلَ حَيًّا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute