قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا، وَحَكَى صَاحِبُ «الْحَاوِي» وَالْمُسْتَظْهِرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا وَجْهًا غَرِيبًا ضَعِيفًا: أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا لِلضَّرُورَةِ، كَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ. وَقَالُوا: لَيْسَ هُوَ بِصَحِيحٍ، إِذْ لَا ضَرُورَةَ، وَفَرَّقُوا بِمَا سَبَقَ، فَحَصَلَ أَنَّ دَعْوَى الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ لَيْسَتْ بِمَقْبُولَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِذْرًا، فَزَرَعَهُ فَنَبَتَ، أَوْ بَيْضَةً فَتَفَرَّخَتْ فِي يَدِهِ، ثُمَّ فَلَّسَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبِ التَّهْذِيبِ: يَرْجِعُ فِيهِ ; لِأَنَّهُ حَدَثَ مِنْ عَيْنِ مَالِهِ، أَوْ هُوَ عَيْنُ مَالِهِ اكْتَسَبَ صِفَةً أُخْرَى، فَأَشْبَهَ الْوَدِيَّ إِذَا صَارَ نَخْلًا. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ ; لِأَنَّ الْمَبِيعَ هَلَكَ، وَهَذَا شَيْءٌ جَدِيدٌ اسْتَجَدَّ اسْمًا، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي الْعَصِيرِ إِذَا تَخَمَّرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ تَخَلَّلَ، ثُمَّ فَلَسَ. وَلَوِ اشْتَرَى زَرْعًا أَخْضَرَ مَعَ الْأَرْضِ، فَفَلَسَ وَقَدِ اشْتَدَّ الْحَبُّ، فَقِيلَ بِطَرَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ: الْقَطْعُ بِالرُّجُوعِ.
الضَّرْبُ الثَّالِثُ: الزِّيَادَاتُ الْمُتَّصِلَةُ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، كَالْحَمْلِ. فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَانْفَصَلَ قَبْلَ الرُّجُوعِ، فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي. وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الشِّرَاءِ وَالرُّجُوعِ جَمِيعًا، فَهُوَ كَالسِّمَنِ فَيَرْجِعُ فِيهَا حَامِلًا. وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَوَلَدَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ، فَفِي تَعَدِّي الرُّجُوعِ إِلَى الْوَلَدِ، قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ يُعْرَفُ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، رَجَعَ كَمَا لَوِ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ الشِّرَاءِ، حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ، فَقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يَرْجِعُ فِيهَا حَامِلًا ; لِأَنَّ الْحَمْلَ تَابِعٌ فِي الْبَيْعِ، فَكَذَا هُنَا.
وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ فِي الْحَمْلِ، فَعَلَى هَذَا: يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute