فَرْعٌ
لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَانْهَدَمَتْ، وَلَمْ يَتْلَفْ مِنْ نَقْضِهَا شَيْءٌ، فَلَهُ حُكْمُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، كَالْعَمَى وَنَحْوِهِ. وَإِنْ تَلَفَ نَقْضُهَا بِإِحْرَاقٍ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي، كَذَا أَطْلَقُوهُ. وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ يُطْرَدَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَلَفِ سَقْفِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ، أَوْ كَتَلَفِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ.
الْحَالُ الثَّانِي: التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ، وَهُوَ نَوْعَانِ. أَحَدُهُمَا: الزِّيَادَاتُ الْحَاصِلَةُ، لَا مِنْ خَارِجٍ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ. أَحَدُهَا: الْمُتَّصِلَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَالسِّمَنِ، وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ، وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ، فَلَا عِبْرَةَ بِهَا. وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْتَزِمُهُ لِلزِّيَادَةِ، وَهَذَا حُكْمُ الزِّيَادَاتِ فِي جَمِيعِ الْأَبْوَابِ، إِلَّا الصَّدَاقَ، فَإِنِ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَا يَرْجِعُ فِي النِّصْفِ الزَّائِدِ إِلَّا بِرِضَاهَا.
الضَّرْبُ الثَّانِي: الزِّيَادَاتُ الْمُنْفَصِلَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، كَالْوَلَدِ، وَاللَّبَنِ، وَالثَّمَرَةِ، فَيَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ، وَتَبْقَى الزَّوَائِدُ لِلْمُفْلِسِ. فَلَوْ كَانَ وَلَدُ الْأَمَةِ صَغِيرًا، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِنْ بَذَلَ قِيمَةَ الْوَلَدِ، أَخَذَهُ مَعَ الْأُمِّ، وَإِلَّا، فَيُضَارُّ لِامْتِنَاعِ التَّفْرِيقِ. وَأَصَحُّهُمَا: إِنْ بَذَلَ قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَإِلَّا فَيُبَاعَانِ وَيُصْرَفُ مَا يَخُصُّ الْأُمَّ إِلَى الْبَائِعِ، وَمَا يَخُصُّ الْوَلَدَ إِلَى الْمُفْلِسِ. وَذَكَرْنَا وَجْهَيْنِ، فِيمَا إِذَا وَجَدَ الْأُمَّ مَعِيبَةً، وَهُنَاكَ وَلَدٌ صَغِيرٌ: أَنَّهُ الرَّدُّ وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْأَرْشِ، أَوْ يَحْتَمِلُ التَّفْرِيقَ لِلضَّرُورَةِ. وَفِيمَا إِذَا رَهَنَ الْأُمَّ دُونَ الْوَلَدِ، أَنَّهُمَا يُبَاعَانِ مَعًا، أَوْ يُحْتَمَلُ التَّفْرِيقُ. وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ احْتِمَالَ التَّفْرِيقِ، بَلِ احْتَالُوا فِي دَفْعِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَجِيءُ وَجْهُ التَّفْرِيقِ هُنَا، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ اقْتِصَارًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَالَ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ، مَصْرُوفٌ إِلَى الْغُرَمَاءِ، فَلَا وَجْهَ لِاحْتِمَالِ التَّفْرِيقِ، مَعَ إِمْكَانِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى جَانِبِ الرَّاجِعِ، وَكَوْنِ مِلْكِ الْمُفْلِسِ مُزَالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute