الحضرة الربانية، والله يراه وهو العليم بما في الصدور، وما تخفي الأنفس، وهؤلاء لا تلهيهم مطالب الحياة وغاياتها عن إيتاء الزكاة، وهي التعاون الاجتماعي الذي تقوم على دعائمه الحياة الإنسانية في الإسلام.
وإن الأساس للخلاص الكامل للمؤمن هو الإيمان بالبعث والنشور والقيامة والحساب، فإن ذلك يجعل الإنسان يحس بأن لحياته معنى وغاية، ولم يخلق عبثا أو سدى، بل إن له يوما يحاسب فيه على ما قدم وما كسب، ولذا قال في أوصاف الرجال الذين يعمرون مساجد الله (يَخَافُونَ يَوْما تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)، أي يخافون يوم الفزع الأكبر، و (تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ) تضطرب، والتقلب التحول أي بمعنى تتحول وتنتقل من مكانها ثم تعود، وتكون في تحول ثم عودة، وهذا يدل على اضطرابها، وفزعها أشد ما يكون الفزع، وإن تقلب القلوب يكون بين الطمع والخوف، والرجاء والهلع، وتقلب الأبصار يكون بأن تتقلب حدقة العين في الحركة من الخوف، وهذا يدل على فزع واضطراب مستمر، كما قال تعالى:(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ. . .).