أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى (أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي)، " أنْ " هنا تفسيرية، أي أن الإيحاء كان هو قوله: أَسْرِ بِعِبَادِي، الإسراء: السير ليلا، وكأنَّهم خرجوا على استخفاء من فرعون خشية أن يبادرهم بالإيذاء، ولكنه علم بهم، فلحقهم بجنوده، وأمر الله تعالى موسى أن يخط لهم طريقا يبسا جافا من الماء؛ ولأن خط هذا الطريق كان بالضرب بالعصي التي بيده دائما - عبَّر عن الأمر بالتخطيط بالضرب، وقد جاء في سورة الشعراء (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦).
وفي هذه الآية أكد سبحانه وحيه لموسى بـ " اللام " و " قد "، وقولِهِ تعالى:(يَبَسًا) مصدر هو وصف للطريق الذي أمر موسى به، وهو مصدر من يبس.
وقد طمأن الله موسى ومن معه من بني إسرائيل الذين سماهم عباده؛ لأنه لخصهم من فرعون وأهواله، طمأنهم بقوله تعالى:(لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى)