عدد آياتها ثلاث وعشرون ومائة، كلها مكية إلا ثلاث، الآية الثانية عشرة، والسابعة عشرة، والرابعة عشرة بعد المائة.
ابتدئت السورة بالحروف المعجمة، التي ذكرنا من قبل أنها من المشتبهات التي لا يعلم علمها إلا اللَّه تعالى، وذكرنا ما نظنه حكمة في ابتداء السور بها، وأنها في أكثر أحوالها يكون ذكر الكتاب والتنويه بأمره مما جعل بعض العلماء يقول:
إنها أسماء للكتاب ننسحه، وقد قال اللَّه تعالى من بعد الحروف (. . . كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ). ومن بعد ذكر القرآن وأحكامه ذكر القصد الأسمى من الدين وهو عبادة اللَّه (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ)، ثم طلب الاستغفار والتوبة وهي سبيل اللَّه تعالى وسبيل الاستجابة، وأن الإيمان باللَّه وصدق الإخلاص يأتي بخيري الدنيا والآخرة، وأن الإقامة في الدنيا إلى أجلٍ مسمى عند اللَّه (. . . وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ إِلَى اللَّهِ مرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لكنهم يكفرون بالرجوع إلى اللَّه تعالى ويصرفون صدورهم عنه ويستخفون منه، واللَّه تعالى يعلم ما يسرون وما يعلنون ويعلم كل ما في الوجود (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦)؛ وذلك لأنه الخالق لكل شيء (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا. . .). ومع أشه الخالق المبدع فإنه سبحانه وتعالى يذكر بالبعث (. . . وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا