وتلك الأمثال يضربها اللَّه تعالى لذي الألباب الذين يعتبرون ويتعظون ويدركون أنفسهم من صورة غيرهم، ويؤدبوها ويصلحوها لرؤية المحاسن وأضدادها في غيرهم.
وهذا مثل ضربه اللَّه تعالى وبينه للفاجر والبار، أعطى كل واحد خيرا ربما يقل أحدهما عن الآخر خيرا، أو لَا يقل ولكن أحدهما يستكثر ما أعطاه لا ليشكره، بل ليغتر ويحسب أنه أخذه أخذا ويذهب فرط غروره إلى أنه أخذ بفضل عقله، وأنه لن يضيع أبدا، ثم يذهب ليقمع غروره أو تنطفئ شعلة اغتراره، وتبدو له الحقيقة واضحة، وهي أنه لَا يملك من الأمر شيئا، أما الثاني صاحبه، يذكره بأصل خلقه وأنه لم يكن شيئا مذكورا، ويوجهه إلى الحمد والشكر على ما أعطى، ولنترك القول لرب العالمين فهو البليغ الذي أعجز بكتابه الناس أجمعين.