أولهما: الأجل الذي تتم به أدوار الشمس من حيث قربها نسبيا من الأرض وانحرافها نسبيا عنها فتبعد، ويكون من ذلك الفصول الأربعة التي تتغير فيها حال الأرض، وما تنبت من زرع، وما يكون من دفء وحرارة ونوعها. وما يختلف به الليل والنهار طولا وقصرا، وما ينتظم به الزرع والثمر ويختلف باختلاف الفصول، إلى آخر ما هو معروف في العلم، ويحس به الناس في أدوار الحياة وتعاقب الليل والنهار.
والثاني: أن الأجل المسمى هو أجل الدنيا، الذي يكون بعدها زلزلة الأرض، وفناء العالم ليجدد في حياة أخرى هي الجزاء والتعويض لما كان في الدنيا.
وإني أرى أنه لَا مانع من إرادة الأمرين، فهما ليسا أجلين، بل هو أجل واحد يكون أولهما في دائرة الوجود الدنيوي وهو في الثانية الذي هو النهاية.
وإن النص القرآني يقول:(كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مسَمًّى)، أي أن الشمس والقمر يجريان لأجل مسمى، فالقمر يجري حول الأرض ويدور حولها دورته الشهرية. وتكون من هذه الدورة درجاته وصوره من كونه هلالا إلى أن يكون بدرا (. . . وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يسْبَحُونَ)، وإن القمر له بهذا الدوران أوقات تؤثر في الأحياء، فالحمل والرضاع، ونمو الأطفال، وحياة الجنين، وولادته، والحياة التناسلية لها ارتباط وثيق بالقمر وأدواره، وطمث المرأة، وقرؤها، له ارتباط بالقمر، والميزان الدقيق لمعرفة ذلك وأدواره هو الشهر القمري، بل إن القمر له أثر في الإخصاب، حتى عبروا في بعض اللغات عن الأمراض العصبية بأنها الأمراض القمرية. وهكذا، وإن القمر يجري لأجل مسمى في دائرة المعاني التي ذكرناها، وإنه يستمر جاريا إلى أن تنقضي الدنيا، واللَّه أعلم.
وإن اللَّه تعالى بعد بيان القدرة المشيئية (يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ) الأمر هو ملكوت السماوات والأرض من حركات النجوم، وأبراجها، وإحياء الأحياء وإماتتهم و (أل) في قوله تعالى: (الأَمْرَ) للعهد، وهو ما يتعلق بهذا الملكوت.