في قصصهم مع موسى، وفي قولهم له:(. . . اجْعَل لَنَا إِلَهًا. . .)،
ومن عبادتهم العجل، ومن امتناعهم عن دخول الأرض المقدسة، وقد رأى ذلك ابن جرير ونحن نتبعه في رأيه. وقد كان إيمان هذه الذرية على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم، وكلمة (عَلَى) بمعنى (مع)، أي أنهم في إيمانهم كانوا وجلين خائفين من فرعون وملئهم، والضمير في كلمة (مَلَئِهِمْ) يعود إلى فرعون والمراد به فرعون وملئه، والذي رأى أن يعود الضمير على ملأ بني إسرائيل أن تلك الذرية المؤمنة كانت على خوف من قومهم الذين تأثروا بالعقائد المصرية من تقديس فرعون وعبادة العجل كما سيبدو من حالهم مع موسى بعد اجتيازهم البحر ورؤية المعجزات الباهرة ونعموا بها، أي إن أولئك الذرية الذين آمنوا بما جاء به موسى كانوا على وجل من فرعون وقومه وعلى وجل من قومهم أنفسهم ومنهم الشيوخ الذين تمرسوا بالخنوع و. الكفر.
(الفاء) في قوله تعالى: (فَمَا آمَنَ) للترتيب، أي بسبب أنهم عتاة في الضلالة ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، وقد وصف اللَّه تعالى فرعون بما يمنع إيمانه فقال تعالت كلماته:(وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّه لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) وفي هذا وصفان كلاهما يمنع الاسسجابة لدعوة موسى عليه السلام:
الوصف الأول - أنه عال في الأرض ينظر إلى الناس كأنهم جميعا دونه وأنه ليس من طينتهم، ومن كان ذلك يغره الغرور فيقول للناس ما أريكم إلا ما أرى.
والوصف الثاني - أنه مسرف، أي مُغَالٍ في كل شيء، أسرف على نفسه وأسرف على الناس وأسرف في العتو والفساد.
أكد الله الوصفين بـ (إِنَّ) واللام، وبالجملة الاسمية، و (يَفْتِنَهُمْ) بمعنى يضطهدهم في دينهم، وذكر الضمير بالمفرد عودا على فرعون أولا وبالذات، فهو قطع أيدي المؤمنين وصلبهم في جذوع النخل فنسبت الفتنة إليه دون ملئهم.