منافق، ويرى ابن جرير أن يكون جهادهم بالسيف إذا كشف نفاقهم، وأظهروا كفرهم، ويقول في ذلك إنهم في هذه الحال يخرجون من إسرار النفاق إلى الجهر بالكفر، فيدخلون في عموم الكفار المظهرين الكفر.
ولقد روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال: بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة أسياف: سيف للمشركين بينه الله تعالى بقوله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ. . .) وسيف لكفار أهل الكتاب، وبينه سبحانه وتعالى بقوله:(قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)، وسيف للمنافقين بينه الله سبحانه بقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ)، وسيف للبغاة، كما قال تعالى:(. . . فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ. . .).
وإنه قد روى أن الذي تولى سيف المنافقين هو الصديق خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد تكشف نفاقهم في الردة التي وقعت عقب وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ ارتد الأعراب الذين قال الله تعالى عنهم:(الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ. . .).
وإنه لهذا قال ابن جرير بقتل المنافق وقد لاحظ وصف الظهور، كالذين ارتدوا في عهد الصديق وقاتلهم عندما أرادوا أن يؤدوا الصلاة، ولا يؤتوا الزكاة، فقال لهم رضي الله عنه:" سلم مخزية، أو حرب مجلية ".
وقوله تعالى:(وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) أي عاملهم بخشونة، ولا ترفق بهم فإن الرفق يكون بحملهم على الإيمان بالشدة عليهم حتى لَا يمعنوا في الكفر، وعسى أن تكون الشدة دافعة غرورهم مانعة طغواءهم، وهذا عذابهم في الدنيا، ويكون بالهزيمة، والخزي والخسران.