" التلقاء " على وزن تفعال من اللقاء وهي هنا الناحية، و " صرفت " مبني للمفعول وجهل فاعله لعدم الحاجة إلى ذكر من صرفهم، إنما المراد أنهم صرفوا بوجوههم تلقاءهم غير عامدين ولا قاصدين ولا متجهين، فهم يقع نظرهم عرضا على أهل النار فيقع بصرهم تلقاءهم،
وذلك لطمعهم في الجنة، ورغبتهم في دخولها يتجهون إلى أهل الجنة عامدين مستبشرين راجين أن يكونوا معهم، أما نظرهم لأهل النار، فهو عرض صُرفوا إليه ولا يريدونه، والتعبير بقوله ئعالى:(وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ) إشارة إلى أن أبصارهم وقعت على أهل النار، أو تلقاءهم من غير إرادة، بل هي إرادة مَن صرفهم.
وإنهم إذا وقعت أنظارهم رأوا هول ما فيهم، فإذا كانوا قد فرحوا عندما رأوا المؤمنين فهم عندما وقعت أنظارهم على أهل النار، اعترتهم رهبة، وخافوا على أنفسهم فقالوا:(رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
عندما يرون النار متأججة في الأجسام البشرية يأخذهم الهول، فيتجهون إلى الله تعالى قائلين: ربنا الذي خلقتنا وكونتنا، وقمت في الوجود علينا وأنت الحي القيوم لَا تجعلنا مع القوم الظالمين الذين ظلموا أنفسهم وظلموا الحق وكذبوا طاغين بالآيات، واستكبروا عن اتباع الأنبياء، وأنغضوا رءوسهم عن الحق إذ دعوا، لا تجعلنا مع هؤلاء، لَا تجعلنا في هذه النار مثلهم فقد عَتَوْا عُتُوَّا كبيرا، ودخلوا في عذاب أليم اللهم قنا غضبك.
هذا ما قاله أهل الأعراف لأنفسهم، وضرعوا إلى الله حماية لأنفسهم، ولم يصبوا بالملامة يوجهونها لأهل النار، وطمعهم في الجنة يلهمهم قول الحق.