متفق مع النصوص المذكورة في هذه الآية، ويتفق مع الأحاديث الواردة في هذا الباب.
وقال آخرون من الفقهاء: إن المحرم هو ما ذبح بأنه لغير الله تعالى ويباح غيره لتلاقي الآيتين في المعنى، إذ إنه ذكر في تحريم المطعومات أن ما أهل لغير الله هو المحرم، فقد قال تعالى:(قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ... )، فمعنى (مِمَّا لَمْ يُذْكرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيه) أي ذكر غيره، والدليل على ذلك الآية الأخرى، وقوله تعالى:(وَإنَّهُ لَفِسْقٌ)، والضمير يعود إلى الأكل مما لم يذكر عليه اسم الله، أي الذبيحة، ولا يمكن أن يكون فسقا إلا إذا كان ثمة ذكر لغير الله تعالى.
وفوق ذلك فإنه من المقررات الشرعية أن ذبائح أهل الكتاب حلال أكلها، فقد قال تعالى:(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ).
وهكذا نرى فريقا حرم ما لم يذكر عليه اسم الله سواء أتركه عمدا أو سهوا، وآخرون قالوا: يحل، سواء أتركه عمدا أو سهوا، وهناك قول وسط بين القولين المحل والمحرم، فقال: إن لم يذكر اسم الله سهوا، فإنها تحل، وإن تركه عمدا لَا تحل الذبيحة، وهذا الرأي أقرب إلى روح الإسلام؛ لأن من لم يذكر اسم الله سهوا، فإنه قد رفع الخطأ والنسيان، وما كان بإِكراه، وأما من تركه عمدا فقد أعرض عن ذكر الله، وذلك إثم لَا يبرره شيء.
ونحن نميل إلى هذا الرأي.
(وِإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ) الظاهر أن الشياطين هنا هم شياطين الإنس يوسوسون إلى أصدقائهم ليجادلوا المؤمنين في أمر ما أبيح من