تصديقها في كل ما جاء بها مما في أيديهم، فقد نسوا حظا مما ذكروا به، وحرفوا الكلم عن مواضعه ولا شك أن التحريف لم يتناول الجميع، بل لَا تزال فيها أثارة مما نزل على موسى.
ومن المباحث اللفظية في النصِ الكريم التعبير بـ " ثم "، وبقوله تعالى " من بعد ذلك "، في قوله سبحانه:(ثُمَّ يَتَولَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ).
فإن الئعبير بـ " ثم "، والبَعدية والإشارة للبعيد للتفاوت النفسي المنطقي الكبير والتراخي المعنوي بعد الاحتكام إلى النبي عليه الصلاة والسلام والإعراض عن قوله بعد أن بين حكم التوراة فيما يحتكمون، ولكن المنافق المبطل في مفارقات مستمرة بينه وبين الحق، والمنطق السليم، والعقل المستقيم.
(وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) في هذا النص الكريم نفي لصفة الإيمان المطلق عن اليهود وأشباههم ممن يجعلون الحق تبعا لأهوائهم، والله سبحانه وتعالى ينفي صفة الإيمان بأي عقيدة أو مذهب؛ لأن الإيمان يقتضي طلب الحق وإدراكه والإذعان له وهذه ليست صفات هؤلاء، فهم لَا يطلبون حكم الحي بل يطلبون حكم الهوى، وأركسوا في الأهواء فلا يدركون، وبعدوا عن المنهاج المستقيم فلا يذعنون، فهم لا يؤمنون بالتوراة وإلا أذعنوا لحكمها، ولا يؤمنون بما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام لأنهم جحدوا قوله وناوءوه، وناصبوه العداء فهم لَا يؤمنون بشيء.
والإشارة في فوله تعالى:(وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) إليهم بأوصافهم كلها من أنهم لا تستمرئ أسماعهم إلا الكذب، ويأكلون أموال الناس بالباطل، ويتميلون بالحق، ويفرقون في الحكم بين القوي والضعيف ومن كان هذا شأنهم لَا يمكن أن يدخل شيء من الإيمان قلوبهم. . اللهم احفظ الناس من شرهم، وهبنا الإيمان الصادق والإذعان للحق.