وضرائها، وإنه تقدر النجاة من الله تعالى بمقدار ما كان هول الأمر الذي نجاهم الله تعالى منه.
ولقد قال تعالى:(آلِ فِرْعَوْنَ) ولم يقل أنجاكم من فرعون، وذلك لأن آله شيعته ونصراؤه وأعوانه، وطغاة الدنيا يكون شرهم من أنفسهم أولا، ومن حاشيتهم الذين يحطون على أهوائهم ثانيا، فيزينون لهم ظلمهم، ويسمونه عدلا ويبينون له وجوه الكيد، ويمكرون مكرهم، فلولا بطانة السوء ما كان السوء، ولولا حاشية فساق الحكام ما استمكنوا، وما طغوا في البلاد، وكلمة حق من حاشيتهم تقيم عدلا، وتدفع ظلما.
لذلك عبر بآل فرعون، لأنه لم يستمكن وحده من الظلم.
وذكر سبحانه ما كان يفعله فرعون وآله، فقال سبحانه:(يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ) أي يذيقونكم سوء العذاب ويجعلونه ملازما لكم لَا تفارقونه، ولا يفارقكم، ويقال: سامه خطة خسف، وأولاه خطة خسف، أي جعل ولايته خسفا وعسفا، ولقد قال عمرو بن كلثوم الفارس العربي:
إذا ما المَلكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفًا ... أَبَيْنَا أنْ نُقِرَّ الخَسْفَ فِينَا
وسوء العذاب أشد سوءا وأثرا في النفوس، ويديمونه؛ لأن " سام " تدل على الدوام، ومن ذلك السائمة التي تديم الرعي في الكلأ، وبين سبحانه وتعالى هذا العذاب الهون فقال مبينا:(يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ) فهم يعملون على إفناء الذكور، وإبقاء النساء.
والتعبير بـ (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ) كناية عن العمل على إفنائهم وتخضيد شوكتهم وإبعادهم عن مواطن السلطان، وذلك بذبحهم أحيانا، ووضعهم في مواضع الذل والمهانة، والغاية ألا يكون لهم وجود قائم بذاته، فقد حكى عنهم أن فرعون كان