للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد يكون معنى الكتاب هنا جنسه، وهو يشمل ما بقي عندهم معلنا معرفا، وإن كان ناقصا محرفا.

(من قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ) هذا إنذار بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة إن لم يؤمنوا، وقد جاء في مفردات الأصفهاني في معنى الطمس ما نصه: (الطمس إزالة الأثر بالمحو، قال تعالى: (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ. . .)، أي أزل صورتها، (وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ. . .)، أي أزلنا ضوءها وصورتها كما يطمس الأثر. وقوله تعالى: (مِّن قَبْلِ أَن نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ)، منهم من قال عنى ذلك في الدنيا، وهو أن يصير على وجوههم الشعر، فتصير صورهم كصور القردة والكلاب، ومنهم من قال ذلك هو في الآخرة إشارة إلى ما قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ)، وهو أن تصير عيونهم في قفاهم. وقيل معناه يردهم عن الهداية إلى الضلال، كقوله تعالى: (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ).

وقيل عنى بالوجوه الأعيان والرؤساء، ومعناه نجعل رؤساءهم أذنابا وذلك أعظم البوار!.

هذا هو التفسير اللغوي لمعنى الطمس، وقد حاول الأصفهاني تخريج الآية التي نتكلم في معناها على ما ارتأى من وجوه، فصرنا حيارى في أيها نختار، لو اقتصرنا على ما قال، وقبل أن نبين ما نراه معنى للنص الكريم نبين معنى الأدبار وردها: الأدبار جمع مفرده " دُبُر "، هو الخلف، أو ما اشتملت عليه أجزاء الجسم الخلفية، والارتداد على الأدبار يكون في القتال يوم الزحف يجعل الوجوه في موضع الأدبار فرارا أو جبنا، بمعنى أنه كان يجب أن يستقبل المقاتلين بوجهه فينقلب إلى جهة دبره. وقد يكون الارتداد على الأدبار معنويا كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ).

<<  <  ج: ص:  >  >>