للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأرض من معادن وفلزات، وسواء مما تقوم عليها الثروات عند بعض الأمم، ومما صار أساس العمران في عصرنا الحاضر؛ فإن أولئك المفسرين الأجلاء أدخلوا ذلك في عموم قوله تعالى: (وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ) وإن ذلك صادق بلا ريب، وهو نظر مستقيم.

وقد يقول قائل: إن ذلك مودع باطن الأرض، ولم يخرجه الله سبحانه وتعالى إلى ظاهرها، بل الإنسان هو الذي يخرجه، فنقول: ليس المراد بالإخراج هو هذا المظهر الحسي، بل المراد منه التكوين والإنشاء وظهور الأعراض التي تكون سبيلا لخروجه، فيشمل الإخراج ذلك كما يشمل تكوين الزرع بخروج البذرة من باطن الأرض؛ فإن كليهما يكونه الله تعالى ويظهره لعباده؛ هذا بعوده مستقيما يراه الحس بما يحمل من ثمر وما معه من غذاء، وذاك يظهر بأعراضه التي يعرفها الخبراء، وقد يظهر للحس ويبدو للنظر، كما يرى البترول طافيًا على الأرض في بعض البلدان، يعلن ما حوته في باطنها من عيون ثرَّة (١) تفيض به.

وإن للفقير حقا في كل هذا، وقد اتفق علماء الإسلام على أن يكون للفقير حق معلوم فيما يوجد في باطن الأرض، وإن اختلفوا في مقدار ذلك على آراء فهو على أي حال لَا يخلو من إنفاق واجب فيه بقدر معلوم، أو بصدقة منثورة تقدرها الحاجة العامة.

وفى الجملة إن على كل مؤمن صدقة يقدمها من طيب ماله أيا كانت مصادره وموارده، فهو خير ساقه الله إليه يجب أن يجعل للمحتاجين قدرًا فيها ليبارك الله تعالى له.

(وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) بعد أن أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يقصدوا في إنفاقهم إلى الطيب النفيس ينفقون منه،


(١) ثرَّة: من ثرر: عَيْن ثَرَّةٌ وثرَّارَة وثَرْثَارَةٌ: غَزِيرَة الماء [لسان العرب: الثاء - ثرر].

<<  <  ج: ص:  >  >>