وثانيهما: أن تكون المضاعفة التي يضاعفها ثوابًا أكثر من سبعمائة المثل وفوقها، ونماء أوفر منها، وعطاء أكبر.
فالله سبحانه، وهو رب كل شيء وخالق الأسباب والمسببات يستطيع أن يعطي سبعمائة وأكثر منها لمن يشاء؛ إذ يوفقه لفعل الخير بنية خالصة وقلب نقي، فيضاعف له أضعافًا كثيرة بعد السبعمائة التي نص عليها سبحانه.
ومهما يكن فإن الاتجاه واحد، وهو بيان سعة عطاء الله تعالى، وسعة نمائه، وهو الرزاق ذو القوة المتين.
وقد ذيل سبحانه الآية الكريمة بقوله تعالى:(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) أي أنه سبحانه عطاؤه واسع، فالسعة وصف للعطاء، أو وصف لله سبحانه وتعالى باعتبار شمول قدرته، وسعة ما يدخل في سلطان إرادته، فلا حد يحد هذه القدرة، ولا سلطان لغيوه سبحانه يمنع شمول هذه الإرادة.
وهو سبحانه عليم بعباده، عليم بالسر والجهر، وبما يجري على الألسنة وما تخفيه الصدور، وعليم بالأعمال، والنيات التي تنبعث عنها هذه الأعمال، وعليم بالأعمال ونتائجها، وهو سبحانه بقدرته القاهرة هو الذي يرتب المسببات على الأسباب، وينشئ بحكمته العلاقة المؤثرة بينهما، فلا يؤثر السبب في المسبب إلا بقدرته وإرادته التي تسير على مقتضى علمه الذي شمل كل شيء.
وقد ذيل سبحانه الآية بهذين الوصفيق للذات العلية، لكيلا يقع في نفس قارئ وهم بالاستكثار أو الاستبعاد، فإنه لابعيد على قدرته سبحانه، ولا كثير أمام إرادته، وإن كل شيء عند الله بمقدار، وهو يدبر كل أمر بعلمه وحكمته، وهو العزيز الحكيم، وهو بكل شيء عليم.