أحدهما: المغالبة بين أهل الحق وأهل الباطل، وأن تلك مشيئته الأبدية الأزلية منذ خلق بني آدم على ذلك التكوين الذي يضم فيه كل آدمي بين جنبيه نزوع الخير ونزوغ الشر، ومنذ قال لآدم وحواء وإبليس:(. . . اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ).
الأمر الثاني: هو ما يجري حوله الخلاف بين أهل الحق الذين يستمسكون بالهدى والنور، وأهل الباطل الذين يستمسكون بالضلالة؛ وذلك الأمر هو وحدانية الله سبحانه وتعالى في الألوهية، وفي الخلق والتكوين، وفي المشيئة والإرادة وفي الذات والصفات:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). وإن هذا أمر تقره بداهة العقول، ولا مجال فيه للريب فما كان ينبغي القتال حوله، ولكن من ضل وغوى أيجوز إكراهه على الدخول في ذلك النور بحكم تلك المغالبة بين الحق والباطل القررة في هذا الوجود؟ أجاب الله سبحانه وتعالى عن ذلك السؤال الذي يتردد في قلب كل من يؤمن بالحق، إذ يكون واقفًا أمام حق نير واضح مستبين، ولجاجة في باطل مظلم، وقد تكون الهداية أن يقضى على تلك اللجاجة الآثمة.