قال بعضهم. فمن رأى منكرًا محرمًا وجب عليه إنكاره فرضًا لازمًا لا يسعه التخلف عنه إلى وقت، لخوف فوته، وسقط عن غيره الإثم إذا كان فيه كفاية. إلا أن يشاء أن يعاونه ويشد عضده فليفعل، فإن ذلك نافلة.
وإن كان الذي رآه أولًا ليس له طاقة على إنكاره فإن أول من يطلع عليه يجب عليه معاونته فرضًا لازمًا. حتى يكون فيمن رآه كفاية فيسقط فرض ذلك (عمن) سواهم - كما سيأتي بيانه - في فضل الإعانة على إزالة المنكرات. والله أعلم.
وروي بسنده، عن عطاء بن أبي رباح: أن رجلًا سأل ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: يا أبا عبد الرحمن، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة؟ قال: نعم. قال: إن لم يفعل كفر؟ قال: لا ولكن من لم يفعل أذنب. قال: فقمت إليه فقلبت رأسه.
قال الإمام أبو عمر بن عبد البر - رحمه الله -: وأجمع المسلمون على أن تغيير المنكر واجب على من قدر عليه، وإنه إذا لم يلحقه بتغييره إلا اللوم الذي لا يتعدى إلى الأذى فإن ذلك لا يجب أن يمنعه فإن لم يقدر فبلسانه، فإن لم يقدر فبقلبه ليس عليه أكثر من ذلك، وإذا أنكر بقلبه فقد أدى ما عليه إذا لم يستطع سوى ذلك.
قال:(والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأكيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدًا، ولكنها مقيدة - عنه بالاستطاعة - ذكره عن القرطبي -في تفسيره).
وقد بوب أبو زكريا النواوي - رحمه الله - في كتاب الأذكار - على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقال:(هذا الباب أهم الأبواب أو من أهمها، لكثرة النصوص الواردة فيه، ولعظم موقعه، وشدة الاهتمام به، وكثرة تساهل أكثر الناس فيه) انتهى.
قال ابن مفلح: ومن ترك ما يلزمه فعله بلا عذر ظاهر وجب الإنكار عليه، وينكر على من ترك الإنكار المطلوب مع قدرته عليه).
[فصل - ٢٨ - : تأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الحكام]
ويتأكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أعيان المسلمين وهم ذوو