وقال قوم: لا يجوز لفاسق الإنكار. لكنَّ الصَّحيح خلافه.
وقال آخرون: لا يجوز الإنكار إلاَّ ممَّن أذن له ولي الأمر انتهى.
وسيأتي الكلام على ذلك مفصلًا في أماكنه.
قال ابو زكريَّا النواوي: (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو. وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر أو تقصير في المعروف. والله أعلم).
وقيل: هو فرض عين على كل مسلم فيتعين على من علمه جزمًا أو شاهده يقينًا وقدر على إزالته وتمكن منه، وعرف ما ينكر، ولم يخف سوطًا ولا عصى ولا أذى.
وقيل أذى يزيد على المنكر أو يساويه ولا يهينه في نفسه أو ماله أو أهله أو حرمته، ورجا حصول المقصود.
قال أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله -: واعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الخلق.
وقال شيخ مشايخنا عبد القادر الكيلاني - قدَّس الله روحه -: الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر واجبان على كل مكلف عالم بذلك بشرط القدرة على وجه لا يؤدي إلى فسادٍ عظيمٍ وضررٍ في نفسه وأهله وماله، ولا فرق أن يكون إمامًا أو عالمًا أو قاضيًا أو واحدًا من الرعية. انتهى.
ويجعله أبو عبد الله محمد بن عبد القوي - في منظومه فرض عين بشروط قال:
وأمر بالمعروف والنهي يا فتى ... عن المنكر اجعل فرض عين تسدد
على عالم بالحظر والفعل لم يقم ... سواه به مع أمن عدوان معتد
ولو كان ذا فسقٍ وجهلٍ وفي سوى الـ ... ـذي قيل بالكفاية فاحذر
فشرط أن لا يكون الآمر عالمًا بمحظورية الفعل، وأن غيره لا يقوم بذلك، وأن يأمن في الإنكار عدوان معتدي فإن فقد شرط من ذلك صار فرض كفاية عند صاحب النظم.