للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى أبو القاسم إسماعيل الأصفهاني- في الترغيب والترهيب- بسنده، عن أبي عبد السلام، عن أبيه، عن كعب الأحبار- رحمة الله عليه- قال: قال الله- تبارك وتعالى-: يا موسى أتريد أن أملأ مسامعك يوم القيامة مما يسرك؟ ارحم الصغير كما ترحم ولدك وارحم الكبير كما ترحم الصغير، وارحم الغني كما ترحم الفقير، وارحم المعافى كما ترحم المبتلى وارحم القوي كما ترحم الضعيف وارحم الجاهل كما ترحم الحليم.

وقد سبق- في الباب الأول- من حديث ابن عباس من رواية أحمد، والترمذي وابن حبان مرفوعًا: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر).

وقوله: (ليس منا) أي ليس من رحمائنا وذوي الرقة والعطف المرحومين منا. من لم يرحم الصغير أي لضعفه وعجزه وبرائته عن قبائح الأعمال. وقد يكون الصغير في المعنى مع تقدم السن. فيصغر القدر بالجهل والغفلة فيرحمها بالتعليم له والإرشاد، شفقة عليه.

وقوله: (ويوقر كبيرنا) لأن التوقير هو التفخيم والتعظيم والكبير يكون كبيرًا بأمرين: صورة ومعنى. فالصورة للكبير بالسن فله حظه من التوقير والتعظيم، لما خص به من السبق في الوجود وتجربة الأمور وأما الكبير معنى، فبالعلم والفضل والدين والتقوى فيستحق من التعظيم والتوقير بحسب ما عنده من ذلك إجلالًا لحق العلم وتبجيلًا لموضع الفضل والله أعلم.

وروى الإمام أحمد- في كتاب الزهد- بسنده عن مسلم بن أبي مريم- رحمة الله عليه- أنه بلغه أن عيسى- عليه السلام- قال: لا تنظروا في ذنوب العباد كأنكم أرباب وانظروا كأنكم عبيد فإنما الناس بين مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله تعالى على العافية.

قال لقمان: يا بني ارحم الفقراء، لقلة صبرهم وارحم الأغنياء لقلة شكرهم وارحم الجميع لطول غفلتهم.

وروى أبو القاسم في الترغيب والترهيب- بسنده- عن عبد الرحمن بن عسيلة، هو

<<  <   >  >>