وإن شهِد بسببِ الملكِ أو ظهورِه؛ مثلُ: أنه ابتاعَه، أو ورِثَه، أو حكَم له به الحاكمُ الفلانيُّ؛ فإن الحاكمَ هنا يحكُمُ باستصحابِ الحالِ، إذا لم يثبُتْ معارضٌ راجحٌ، والشاهدُ لا يشهدُ بناءً على استصحابِ الحالِ، ولا أعلمُ في الأولى خلافًا أن الحاكمَ يحكمُ باستصحابِ الحالِ باتِّفاقِ العلماءِ.
وأما صورةُ الخلافِ؛ فإن البينةَ لما شهِدت بالملكِ في الماضي، وسكتَتْ عنه في الحالِ؛ كان هذا رِيبةً تُجوِّزُ أن البينةَ علمت بالزوالِ وسكتَتْ عن ذلك، وأما إذا شهِدت بسببِ الملك؛ لم يكُنْ فيه ريبةٌ، والأصلُ بقاءُ الملكِ.
وإذا شهِدت أنه لم يزُلْ ملكُه إلى أن غُصِبت منه، أو استُعيرتْ، أو زالت عنه يدُه بغيرِ حقٍّ، كما لو شهِدت له أنه لم يزُلْ ملكُه إلى أن مات؛ فإنه يُحكَمُ به للورثةِ حتى تقومَ حجةٌ بما يخالفُ ذلك، وكذلك هناك يُحكَمُ به للذي كان مالكًا حائزًا إلى حينِ زوالِ حَوزِه؛ فزوالُ الحوزِ كزوالِ الملكِ، ولا أعلمُ في هذا خلافًا، ولا ينبغي أن يكونَ فيه خلافٌ، فإن الغاصبَ والسارق والمستعيرَ وغيرَهم إذا جحَدوا ملكَ غيرِهم، فشهِدتِ البينةُ أنه لم يزُلْ ملكُه إلى حينِ الغَصْبِ مثلًا: احتاجوا هم إلى إثباتِ الانتقالِ لهم، وإلا فالأصلُ بقاءُ الملكِ، وقد عُلم أن زوالَ اليدِ بالعدوانِ، فلا يُقبلُ أن اليدَ يدُه إذا عُرِف مستندُها ما يصلحُ أن يستند إليه من زوالِ اليدِ المحقَّقة والانتقالِ إلى يدٍ عاديةٍ، إما هذه المعيَّنةُ أو غيرُها، فلا يُكلَّفُ ربُّ البينةِ بقاءَ الملكِ إلى حينِ الدعوى؛