لَقَدْ أَصَابَ خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ ثَأْرَهُ بِقَتْلِ غُلَامِي قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ …
وَفَزِعْتُ فَزَعًا رَآهُ عَلَى وَجْهِي.
فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فِي حُنُوٍّ وَرِفْقٍ، وَقَالَ:
أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَفْجَعَكِ بِغُلَامِكِ هَذَا؟! …
وَاللَّهِ! مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ.
ثُمَّ أَرْدَفَ قَائِلًا:
إِنَّنَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ لَا نُلْحِقُ الْأَذَى بِغُلَامٍ صَغِيرٍ، أَوْ شَيْخٍ مُعَمَّرٍ كَبِيرٍ، أَوْ رَاهِبٍ نَذَرَ نَفْسَهُ لِلْعِبَادَةِ.
وَإِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنْ عَدَا عَلَيْنَا، وَعَمِلَ عَلَى إِخْرَاجِنَا عَنْ دِينِنَا.
ثُمَّ قَالَتْ:
وَاللَّهِ! مَا أَحْسَبُ أَنَّ أَسِيرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَيْرٌ مِنْ خُبَيْبٍ …
لَقَدْ رَأَيْتُهُ - وَاللَّهِ - يَأْكُلُ مِنْ عُنْقُودِ عِنَبٍ كَبِيرٍ مَا وَقَعَتْ عَيْنَايَ عَلَى مِثْلِهِ قَطُّ، وَمَا فِي أَرْضِ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ عِنَبٌ يُؤْكَلُ …
وَكَانَ خُبَيْبٌ آنَذَاكَ مُقَيَّدًا بِالْحَدِيدِ …
وَمَا كَانَ هَذَا الْعِنَبُ إِلَّا رِزْقًا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.
* * *
وَلَمَّا عَزَم بَنُو الْحَارِثِ عَلَى قَتْلِ خُبَيْبِ بْن عَدِيٍّ وَأَذَاعُوا ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ؛ خَرَجَتْ مَكَّةُ بِقَضِّهَا وَقَضِيضِهَا (١) إِلَى مِنْطَقَةِ التَّنْعِيمِ لِتَشْهَدَ مَصْرَعَ أَسِيرِهَا الثَّانِيَ.
(١) قضِّها وقضيضها: جميعها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute