ثُمَّ ضَاقَتِ الْأَرْضُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَرَّةً أُخْرَى، وَنَالَهُمْ مِنْ أَذَى قُرَيْشٍ مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ؛ فَهَاجَرُوا إِلَى الْحَبَشَةِ هِجْرَتَهُمُ الثَّانِيَةَ …
وَكَانَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ فِي جُمَلَةِ الْمُهَاجِرِينَ أَيْضًا.
لَكِنَّ مُصْعَبًا لَمْ يُطْقِ صَبْرًا عَلَى فِرَاقِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ ﷺ؛ فَآثَرَ الْعَوْدَةَ إِلَى مَكَّةَ وَتَحَمُّلَ أَذَى قُرَيْشٍ عَلَى فِرَاقِ النَّبِيِّ ﵇.
وَلَزِمَ مُصْعَبٌ نَبِيَّهُ ﷺ لُزُومَ الظَّلِّ لِصَاحِبِهِ، وَنَهَلَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَنْهَلَ مِن هَدْيِهِ؛ فَإِذَا هُوَ مِنْ أَحْفَظِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ لِكِتَابِ اللَّهِ …
وَأَفْقَهِهِمْ بِشَرْعِ اللَّهِ …
وَأَجْمَعِهِمْ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
* * *
ثُمَّ تَمَّتْ يَبْعَةُ الْعَقَبَةِ الْأُولَى، وَعَادَ الْمُبَايِعُونَ الْمَبْرُورُونَ (١) إِلَى قَوْمِهِمْ فِي الْمَدِينَةِ؛ يَدْعُونَهُمْ إِلَى دِينِ الْهُدَى وَالْحَقِّ …
لَكِنَّهُمْ مَا لَبِثُوا أَنْ شَعَرُوا أَنَّهُمْ بِحَاجَةٍ إِلَى مُبَشِّرِ؛ أَعْلَمَ مِنْهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَدْرَى مِنْهُمْ بِتَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ …
فَبَعَثُوا يَسْأَلُونَ الرَّسُولَ الْكَرِيمَ ﷺ؛ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رَجُلًا يُعَلِّمُهُمْ دِينَهُمْ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مُصْعَبًا ﵁ …
فَكَانَ أَوَّلَ مُبَشِّرٍ بِالْإِسْلَامِ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ.
(١) الْمَبْرُورُون: المقبولون.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute