للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لَقَدْ عَقَدَ الْعَزْمَ عَلَى غَزْوِ دَارِينَ، وَالظَّفَرِ بِالْمُرْتَدِّينَ الْمُعْتَصِمِينَ (١) بِأَسْوَارِ الْمَاءِ …

* * *

لَمْ يَكُنِ الْعَلَاءُ يَجْهَلُ أَنَّ جُنُودَهُ أَبْنَاءَ الصَّحْرَاءِ؛ يَهَابُونَ الْبَحْرَ أَعْظَمَ الْهَيْبَةِ، وَيَخْشَوْنَ مَخَاطِرَهُ أَشَدَّ الْخَشْيَةِ.

وَلَمْ يَكُنْ في حَاجَةٍ إِلَى مَنْ يُذَكِّرُهُ؛ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ سَفِينَةً وَاحِدَةً يَنْقُلُ عَلَيْهَا جُنْدِيًّا وَاحِدًا مِنْ جُنُودِهِ …

فَكَيْفَ إِذَا كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى أُسْطُولٍ ضَخْمِ؛ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْجَيْشَ الْكَبِيرَ كُلَّهُ؟!.

كَمَا يَحْتَاجُ إِلَى جُسُورٍ مُتَحَرِّكَةٍ لِيَعْبُرَ فَوْقَهَا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى الْيَابِسَةِ.

إِنَّ هَذَا كُلَّهُ كَانَ يَعْرِفُهُ الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ …

وَيَعْرِفُ مَعَهُ أَيْضًا أَنَّ جَزِيرَةَ دَارِينَ تَبْعُدُ عَنْ شَوَاطِئِ الْبَحْرَيْنِ مَسَافَةً تَقْطَعُهَا السُّفُنُ الشِّرَاعِيَّةُ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.

وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ …

فَإِنَّهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِيمَا عَقَدَ الْعَزْمَ عَلَيْهِ.

* * *

وَلَمَّا أَشْبَعَ الْعَلَاءُ الْخِطَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ بَحْثًا وَدَرْسًا، وَأَوَسَعَهَا تَدْبِيرًا وَتَقْدِيرًا … جَمَعَ عَسْكَرَهُ، وَوَقَفَ فِيهِمْ خَطِيبًا …

فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى حَقَّ الْحَمْدِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ أَجَلَّ الثَّنَاءِ، وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ


(١) المعتصمين: المحتمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>