للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَانْطَلَقَ هُوَ بِجَيْشِهِ نَحْوَهُمْ مِنَ الْأَمَامِ؛ انْطِلَاقَ السِّهَامِ فِي غَبَشِ (١) الظَّلَامِ.

وَاقْتَحَمَ عَلَى الْجَيْشِ الْمَخْمُورِ خَنَادِقَهُ الْمَنِيعَةَ (٢) مِنْ كُلِّ صَوْبٍ …

وَأَعْمَلَ السُّيُوفَ فِي رِقَابِ جُنْدِ الْعَدُوِّ مِنْ غَيْرِ هَوَادَةٍ (٣).

فَانْجَلَتِ الْمَعْرَكَةُ عَنْ شَرٍّ مُسْتَطِيرٍ (٤) لِلْجَيْشِ الْمُرْتَدِّ وَقَائِدِهِ الْحَطَمِ …

أَمَّا قَائِدُ الْجَيْشِ؛ فَكَانَ نَائِمًا حِينَ نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مُعَسْكَرِهِ نُزُولَ الصَّاعِقَةِ.

فَلَمْ يُوقِظْهُ مِنْ غَيْبُوبَتِهِ إِلَّا صَلِيلُ السُّيُوفِ، وَطَعْنُ الرِّمَاحِ …

وَأَصْوَاتُ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ.

فَهَبَّ مَذْعُورًا، وَامْتَطَى صَهْوَةَ جَوَادِهِ.

لَكِنَّهُ مَا لَبِثَ أَنِ انْقَطَعَ رِكَابُ سَرْجِهِ (٥)؛ فَجَعَلَ يُنَادِي:

أَنَا الْحَطَمُ … مَنْ يُصْلِحُ لِي رِكَابِي؟.

فَأَقَبْلَ عَلَيْهِ أَحَدُ جُنُودِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ لَهُ:

ارْفَعْ رِجْلَكَ - أَيُّهَا الْأَمِيرُ - لِأُصْلِحَهُ لَكَ.

فَلَمَّا رَفَعَ رِجْلَهُ أَهْوَى (٦) عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَبَتَرَهَا (٧) عَنْ جَسَدِهِ بَتْرًا …

فَسَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ وَالدِّمَاءُ تَنْزِفُ مِنْهُ، وَالْآلَامُ تَكْوِي كَبِدَهُ كَيًّا.


(١) غبش الظلام: ظُلْمَة آخِرِ اللَّيْلِ.
(٢) الخنادق المنيعة: الخنادق التي يتعذر الوصول إليها.
(٣) من غير هوادة: من غير لين ولا رفق.
(٤) شر مستطير: شر شديد قوي.
(٥) ركاب سرجه: موضع القدم من رَحْلِ الدَّابة.
(٦) أهوى بسيفه: نَزَلَ بِهِ.
(٧) فبترها: فَقَطَعَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>