للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَفِي يَوْم "أُحُدٍ" حِينَ هُزِمَ الْمُسْلِمُونَ وَطَفِقَ صَائِحُ الْمُشْرِكِينَ يُنَادِي:

دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ … دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ … كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَحَدَ النَّفَرِ (١) الْعَشَرَةَ الَّذِينَ أَحَاطُوا بِالرَّسُولِ لِيَذُودُوا (٢) عَنْهُ بِصُدُورِهِمْ رِمَاحَ الْمُشْرِكِينَ.

فَلَمَّا انْتَهَتِ الْمَعْرَكَةُ كَانَ الرَّسُولُ قَدْ كُسِرَتْ رُبَاعِيَّتُهُ (٣) وَشُجَّ جَبِينُهُ، وَغَارَتْ فِي وَجْنَتِهِ حَلْقَتَانِ مِنْ حَلَقِ دِرْعِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الصِّدِّيقُ يُرِيدُ انْتِزَاعَهُمَا مِنْ وَجْنَتِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ:

أُقْسِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَتْرُكَ ذَلِكَ لِي، فَتَرَكَهُ، فَخَشِيَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِنِ اقْتَلَعَهُمَا بِيَدِهِ أَنْ يُؤْلِمَ رَسُولَ اللَّهِ ، فَعَضَّ عَلَى أُولَاهُمَا بِثَنِيَّتِهِ (٤) عَضًا قَوِيًّا مُحْكَمًا فَاسْتَخْرَجَهَا وَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ …

ثُمَّ عَضَّ عَلَى الْأُخْرَى بِثَنيَّتِهِ الثَّانِيَةِ فَاقْتَلَعَهَا فَسَقَطَتْ ثَنِيَّتُهُ الثَّانِيَةُ …

قَالَ أَبُو بَكْر: "فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ هَتَمًا (٥) ".

* * *

لَقَدْ شَهِدَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ الْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مُنْذُ صَحِبَهُ إِلَى أَنْ وَافَاهُ الْيَقِينُ (٦).

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّقِيفَةِ (٧)، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي عُبَيْدَةَ:

ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:

(إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَنْتَ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ).


(١) النّفر: الجماعة.
(٢) ليذودوا عنه: ليدفعوا عنه.
(٣) الرّباعية: السّن التي بين الثّنية والنّاب.
(٤) الثّنية: وجمعها ثنايا، وهي أسنان مقدم الفم.
(٥) الأهتم: من انكسرت ثنيتاه.
(٦) وافاه اليقين: جاءه الموت.
(٧) يوم السّقيفة: المراد به يوم بيعة أبي بكر ، فقد تمت بيعته في سقيفة بني ساعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>