فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَفْعَلُ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ لِيَ الرَّسُولُ ﵊؟ وَأَنَا امْرُؤٌ شَابٌّ …
* * *
قَالَ كَعْبٌ:
فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً.
فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، وَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضِقْتُ بِنَفْسِي أَشَدَّ الضِّيقِ …
سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ مِنْ أَعْلَى جَبَلِ سَلْعٍ (١) يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ:
يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ …
فَمَا إِنْ لَامَسَ الصَّوْتُ سَمْعِي؛ حَتَّى خَرَرْتُ سَاجِدًا للهِ …
وَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَنِي الْفَرَجُ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ أَعْلَنَ ذَلِكَ لِأَصْحَابِهِ.
فَهَبَّ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنِي، وَكَانَ أَسْبَقَهُمْ إِلَيَّ فَارِسٌ جَاءَ عَلَى فَرَسِهِ، وَذَهَبَ إِلَى صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ أَيْضًا …
فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ؛ نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ … وَوَاللَّهِ! مَا أَمْلِكُ آنَئِذٍ غَيْرَهُمَا.
ثُمَّ اسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ وَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى الرَّسُولِ ﵊.
(١) جَبَلُ سَلْع: جبل بسوق المدينة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute