للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أَعْدِلُ بِجِوَارِ اللهِ تَعَالَى جِوَارًا.

* * *

وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ طَفِقَ (١) أَذَى الْمُشْرِكِينَ يَشْتَدُّ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَيَقْسُو، وَأَصْبَحَ هُوَ وَذَوُوهُ هَدَفًا لِنِكَايَةِ قُرَيْشٍ، وَبَطْشِهِمْ … مِمَّا حَمَلَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِي طَلِيعَةِ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ …

وَهُنَاكَ شَهِدَ مَعَ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ هُوَ وَابْنُهُ وَأَخُوهُ بَدْرًا؛ فَأَبْلَوْا (٢) فِي سَاحَتِهَا أَصْدَقَ الْبَلَاءِ وَأَكْرَمَهُ، وَأَدَّوْا حَقَّ اللهِ وَرَسُولِهِ عَلَيْهِمْ، وَخَرَجُوا مِنْهَا - مَعَ الْمُسْلِمِينَ - مُنْتَصِرِينَ فَائِزِينَ.

* * *

وَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى مَرِضَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَفَارَقَ الحَيَاةَ.

فَلَمَّا طَارَ خَبَرُ وَفَاتِهِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ مَضَى إِلَيْهِ، وَمِلْءُ جَوَانِحِهِ (٣) الْحُزْنُ …

وَرَفَعَ الْمُلَاءَةَ عَنْ جَبِينِهِ الطَّاهِرِ الْأَغَرِّ؛ فَقَبَّلَهُ …

أَحَبَّ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَبَّلَهُ الثَّانِيَةَ …

ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ فَقَبَّلَهُ أَيْضًا …

وَإِذَا دُمُوعُ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ تَتَحَدَّرُ عَلَى وَجْهِهِ الْمُشْرِقِ النَّبِيلِ؛ فَبَكَى مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِبُكَائِهِ.

* * *


(١) طفق: أخذ.
(٢) فأبلوا في سَاحتهَا: أظهروا فيها بأسهم.
(٣) الجوانح: الأضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر واحدتها الجانحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>