للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَبِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (١) وَبِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ (٢) وَبِالْأَرْقَمِ بْنِ أَبِي الْأَرْقَمِ إِلَى النَّبِيِّ فَأَعْلَنُوا بَيْنَ يَدَيْهِ كَلِمَةَ الْحَقِّ، فَكَانُوا الْقَوَاعِدَ الْأُولَى الَّتِي أُقِيمَ عَلَيْهَا صَرْحُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.

* * *

عَاشَ أَبُو عُبَيْدَةَ تَجْرِبَةَ الْمُسْلِمِينَ الْقَاسِيَةَ فِي مَكَّةَ مُنْذُ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا، وَعَانَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ السَّابِقِينَ مِنْ عُنْفِهَا وَضَرَاوَتِهَا، وَآلَامِهَا وَأَحْزَانِهَا مَا لَمْ يُعَانِهِ أَتْبَاعُ دِينٍ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ؛ فَثَبَتَ لِلابْتِلَاءِ (٣)، وَصَدَقَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ.

لَكِنَّ مِحْنَةَ أَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ "بَدْرٍ" فَاقَتْ فِي عُنْفِهَا حُسْبَانَ الْحَاسِبِينَ وَتَجَاوَزَتْ خَيَالَ الْمُتَخَيِّلِينَ.

* * *

انْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ "بَدْرٍ" يَصُولُ بَيْنَ الصُّفُوفِ صَوْلَةَ مَنْ لَا يَهَابُ الرَّدَى، فَهَابَهُ الْمُشْرِكُونَ، وَيَجُولُ جَوْلَةَ مَنْ لَا يَحْذَرُ الْمَوْتَ، فَحَذِرَهُ فُرْسَانُ قُرَيْشٍ وَجَعَلُوا يَتَنَحَّوْنَ عَنْهُ كُلَّمَا وَاجَهُوهُ …

لَكِنَّ رَجُلًا وَاحِدًا مِنْهُمْ جَعَلَ يَبْرُزُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ فِي كُلِّ اتِّجَاهٍ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَتَحَرَّفُ (٤) عَنْ طَرِيقِهِ وَيَتَحَاشَى (٥) لِقَاءَهُ.

وَلَجَّ الرَّجُلُ فِي الْهُجُومِ، وَأَكْثَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنَ التَّنَحِّي، وَسَدَّ الرَّجُلُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ الْمَسَالِكَ، وَوَقَفَ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ.


(١) عبد الرّحمن بن عوف: انظره ص ٢٤٩.
(٢) عثمان بن مظعون: كان من حكماء العرب في الجاهلية شهد بَدْرًا ومات سنة ٢ هـ، وكان أَوَّل وكان أَوَّل من مات بالمدينة من المهاجرين، وأَوَّل من دفن بالبقيع.
(٣) الابتلاء: الاختبار.
(٤) يتحرف عن طريقه: يتنحى عن طريقه.
(٥) يتحاشى لقاءه: يتجنب لقاءه ويتوقاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>