للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَيَقُولُ لَهُ: يَا طُلَيْحَةُ … أَيْنَ مُحَمَّدٌ مِنْكَ؟!

فَمَا هُوَ بِأَفْصَحَ مِنْكَ لِسَانًا؛ فَأَنْتَ أَدِيبٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ …

وَمَا هُوَ بِأَقْوَى مِنْكَ جَنَانًا (١)؛ فَأَنْتَ أَشْجَعُ الْعَرَبِ شَجَاعَةً، وَأَشَدُّهُمْ بَأْسًا؛ حَتَّى إِنَّ النَّاسَ يَعُدُّونَكَ بِأَلْفِ فَارِسٍ إِذَا جَدَّ الْجِدُّ.

ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ بِأَعَزَّ مِنْكَ نَفَرًا (٢)؛ فَأَنْتَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، وَبَنُو أَسَدٍ مَسَاعِرُ (٣) حَرْبٍ؛ لَهُمْ فِي مَيَادِينِهَا أَيَّامٌ مَشْهُودَاتٌ، وَمَوَاقِفُ مَعْدُودَاتٌ.

فَلَمَّا عَادَ الْوَفْدُ إِلَى مَنَازِلِهِ … وَقَفَ طُلَيْحَةُ فِي بَنِي أَسَدٍ يَزْعُمُ لَهُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.

فَتَبِعُوهُ جَمِيعًا إِمَّا إِيمَانًا بِهِ، وَإِمَّا عَصَبِيَّةً (٤) لَهُ.

* * *

بَعَثَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ جَيْشًا بِقِيَادَةِ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ لِقِتَالِ طُلَيْحَةَ وَقَوْمِهِ.

فَأَبْلَى الْجَيْشُ الْمُؤْمِنُ فِي بَنِي "أَسَدٍ" وَأَحْلَافِهِمْ أَعْظَمَ الْبَلَاءِ.

وَأَوْشَكَ أَمْرُ طُلَيْحَةَ أَنْ يَضْمَحِلَّ، لَوْلَا أَنَّ ضِرَارًا الْتَقَى? بِهِ وَجْهَا لِوَجْهٍ …

وَضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ؛ فَشَاءَ اللَّهُ أَنْ يَنْبُو (٥) عَنْهُ السَّيْفُ، وَأَلَّا يُؤَثْرَ فِيهِ.

فَاغْتَنَمَ طُلَيْحَةُ ذَلِكَ، وَجَعَلَ يُشِيعُ فِي قَوْمِهِ أَنَّ اللَّهَ يَحْفَظُهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ …

وَأَنَّ السُّيُوفَ الْقَوَاطِعَ لَا تَعْمَلُ فِي جَسَدِهِ …

فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ مَنْ تَفَرَّقَ عَنْهُ، وَتَبِعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ.


(١) جنانًا: قلبًا.
(٢) أعز نفرًا: أشرف جماعة.
(٣) مَسَاعِرُ حربِ: موقدو نار الحروب.
(٤) العصبية: شِدَّة ارتباط المرء بجماعته.
(٥) أن يَنْبُوَ عنه السيف: أن يرتدَّ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>