فَعَادَ الْفِتْيَةُ الْأَخْيَارُ الْأَبْرَارُ يَبْكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ حُرِمُوا مِمَّا كَانَتْ تَطْمَحُ إِلَيْهِ نُفُوسُهُمُ الْكَبِيرَةُ مِنْ شَرَفِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
* * *
وَفِي يَوْمِ أُحدٍ؛ أَصْبَحَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَبِضْعَةُ أَشْهُرٍ؛ فَجَاءَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَمَعَهُ أَتْرَابُهُ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُ إِلَى الْجِهَادِ …
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ نَظْرَةً مُسْتَأْنِيَةً، ثُمَّ اخْتَبَرَهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا؛ فَقَبِلَ مِنْهُمْ مَنْ قَبلَ، وَرَدَّ مِنْهُمْ مَنْ رَدَّ (١).
وَكَانَ فِي جُمْلَةِ الْمَرْدُودِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ …
فَعَادُوا وَهُمْ يَبْكُونَ؛ لِأَنَّ صِغَرَ أَعْمَارِهِمْ قَدْ حَالَ دُونَهُمْ وَدُونَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ؛ أَصْبَحَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ فَجَاءَ هُوَ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَتْرَابِهِ يَجُرُّونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَمُدُّونَ قَامَاتِهِمْ إِلَى أَعْلَى، وَيَسْأَلُونَ النَّبِيَّ ﵊ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ بِالْجِهَادِ؛ فَأَذِنَ لَهُمْ هَذِهِ الْمَرَّةَ.
عِنْدَ ذَلِكَ غَمَرَتْهُمُ الْفَرْحَةُ، وَفَاضَ عَلَى وُجُوهِهِمُ السُّرُورُ، وَطَفَحَ عَلَيْهَا الْبِشْرُ.
ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ سَائِرَ الْغَزَوَاتِ الَّتِي غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ.
(١) انظر الامتحانات عند المسلمين في كتاب "فن الامتحانات بين الطالب والمعلم" للمؤلف؛ الناشر دار الأدب الإسلامي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute