(أَلَّا تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ؟!).
فَقُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فى أَوَّلِ النَّاسِ، وَفِي وَسَطِهِمْ.
قَالَ: (وَأَيْضًا)؛ فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ …
ثُمَّ نَظَرَ إِلَى يَدِي وَقَالَ: (أَيْنَ التَّرْسُ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ؟).
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ؛ فَوَجَدْتُهُ أَعْزَلَ فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ …
فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
* * *
قَالَ سَلَمَةُ:
ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا بِالصُّلْحِ؛ فَاصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ …
فَأَتَيْتُ شَجَرَةً وَكَنَسْتُ مَا تَحْتَهَا مِنْ شَوْكٍ وَاضَّجَعْتُ فِي ظِلِّهَا …
وَمَا هُوَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى أَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؛ فَعَلَّقُوا أَسْلِحَتَهُمْ عَلَى الشَّجَرَةِ، وَاضَّجَعُوا قَرِيبًا مِنِّى وَجَعَلُوا يَنَالُونَ مِنْ رَسُولِ الله ﷺ …
فَأَبْغَضْتُهُمْ، وَتَحَوَّلْتُ عَنْهُمْ خَوْفًا مِنْ أَنْ أُسْتَثَارَ؛ فَأَبْدَأَهُمْ بِقِتَالٍ.
وَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي:
يَا لَلْمُهَاجِرِينَ (١)؛ لَقَدْ قَتَلَ الْمُشْرِكُونَ ابْنَ زُنَيْمٍ …
فَامْتَشَقْتُ السَّيْفَ فِي يَمِينِي، وَوَثَبْتُ عَلَى أَسْلِحَتِهِمْ؛ فَجَعَلْتُهَا حُزْمَةً فِي يَسَارِي، وَشَدَّدْتُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضُوا … كُلُّ ذَلِكَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ بَادَرْتُهُمْ قَائِلًا:
(١) يا للمهاجرين: أسلوب استغاثه لطلب النجدة.