للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَخَرَجَ لَهُ فَارِسَانِ مُعَلَّمَانِ (١) مِنْ أَبْطَالِ الْفُرْسِ فِي وَقْتٍ مَعًا؛ فَتَلَقَّاهُمَا هُوَ وَالْحَارِثُ بْنُ ظَبْيَانَ … وَسَقَيَاهُمَا مِنَ الْكَأْسِ الَّتِي شَرِبَ مِنْهَا ذُو الْحَاجِبِ فِي لَحَظَاتٍ مَعْدُودَاتٍ.

ثُمَّ نَادَى الْقَعْقَاعُ:

يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ؛ بَاشِرُوا أَعْدَاءَكُمْ بِالسُّيُوفِ؛ انْقَضُّوا عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِكُمْ بِالرِّمَاحِ …

فَإِذَا خَالَطْتُمُوهُمْ فَبَاشِرُوهُمْ بِالسُّيُوفِ؛ فَإِنَّمَا تُحْصَدُ الْأَرْوَاحُ بِالْمُرْهَفَاتِ (٢) حَصْدًا.

فَتَوَاثَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ تَوَاثُبَ الْأُسُودِ، وَانْقَضُّوا عَلَيْهِ انْقِضَاضَ الصُّقُورِ، وَجَعَلُوا يُنَادُونَ: يَا لَثَارَاتِ الْبَارِحَةِ.

* * *

لَمْ يُنْزِلِ الْفُرْسُ فِيَلَتَهُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ إِلَى الْمَعْرَكَةِ …

ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا بِالْأَمْسِ قَدْ قَطَعُوا وُضُنَهَا (٣)، وَحَطَّمُوا تَوَابِيتَهَا الَّتِي يَجْلِسُ فِيهَا الْفَيَّالَةُ عَلَى ظُهُورِهَا …

وَلَمْ تَكُنْ يَدُ اللَّيْلِ بِقَادِرَةٍ عَلَى إِصْلَاحِ مَا خَرَّبَتْهُ يَدُ النَّهَارِ.

فَأَمَرَ الْقَعْقَاعُ جَمَاعَاتٍ مِنْ بَنِي عُمُومَتِهِ أَنْ يَسْتَحْضِرُوا عَشَرَاتٍ مِنْ ضِخَامِ الْإِبِلِ، وَأَنْ يُجَلِّلُوهَا (٤) بِالْمُلَاءَاتِ السُّودِ، وَأَنْ يُبَرْقِعُوهَا (٥) بِالْبَرَاقِعِ


(١) الفارسُ المُعَلَّمُ: الذي يُعْلَمُ مكانه في الحرب بعلامة يُعلِّمُها هو، وهي علامة على شجاعته.
(٢) الْمُرْهَفَات: السيوف المرققة المحدّدة.
(٣) الْوُضُنُ: جمع مفرده وَضين: وَهْوَ للهودج بمنزلة الْحزَام للسَّرْج.
(٤) يُجَلِّلُوهَا: يغطوها ويُعَمِّمُوا الغطاء على سائر بدنها.
(٥) يُبَرْقِعُوهَا: أي يلبسوها البُرْقُعَ، وهو غطاء للوجه فيه فتحتان للعينين.

<<  <  ج: ص:  >  >>