للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مِنَ الْخَارِجِ؛ فَقَدْ بَاتَ الْمُسْلِمُونَ يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا يُشْبِهُ الْيَأْسَ:

كَيْفَ لَنَا بِفَتْحِ الْمَدِينَةِ وَمَتَى؟!.

فَجَاءَهُمُ الْجَوَابُ عَلَى لِسَانِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَصَاحِبِهِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو.

* * *

كَانَتْ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ آذَانٌ تَسْمَعُ كُلَّ مَا يُقَالُ خَلْفَ أَسْوَارِ دِمَشْقَ، وَعُيُونٌ تَرَى كُلَّ مَا يَجْرِي فِيهَا …

فَجَاءَتْهُ عُيُونُهُ (١) ذَاتَ يَوْمٍ؛ تَقُولُ:

أَيُّهَا الْأَمِيرُ؛ إِنَّ بِطْرِيقَ (٢) دِمَشْقَ قَدْ وُلِدَ لَهُ عَلَى الْكِبَرِ مَوْلُودٌ بَعْدَ طُولِ تَرَقُّبٍ؛ فَفَرِحَ بِهِ أَشَدَّ الْفَرَحِ …

وَلَقَدْ بَلَغَ مِنْ فَرَحِهِ أَنَّهُ دَعَا حُمَاةَ الْمَدِينَةِ وَجُنُدَهَا فِي لَيْلَةِ غَدٍ إِلَى وَلِيمَةٍ جَفْلَى (٣)؛ سَيَأْكُلُونَ فِيهَا رَوَائِعَ الطَّعَامِ، وَيَشْرَبُونَ خِلَالَهَا عَتِيقَ الْخُمُورِ، وَيَطْرَبُونَ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَإِنَّ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ أَنْ تَهْتَبِلَ (٤) هَذِهِ الْفُرْصَةَ.

بَادَرَ الْقَائِدُ الْمُلْهَمُ؛ فَصَنَعَ سَلَالِمَ مِنَ الْحِبَالِ وَأَعَدَّ لِغَزْوَتِهِ هَذِهِ طَائِفَةً وَافِيَةً مِنَ الْأَوْهَاقِ (٥).

* * *

فَلَمَّا دَجَا (٦) اللَّيْلُ وَلَفَّ الْكَوْنَ بِظَلَامِهِ؛ قَالَ خَالِدٌ لِجُنُودِهِ:

إِنَّا سَنَرْقَى إِلَى السُّورِ؛ فَإِذَا سَمِعْتُمْ تَكْبِيرَنَا …


(١) العُيُون: الجواسيس.
(٢) البِطْرِيق: القائد ذو الرتبة.
(٣) وليمة جفلى: أي عَامَّة يَجْفُل إليها الناس بجماعتهم.
(٤) تهتبل: تغتنم.
(٥) الأوهاق: حِبَال مَتِينَة فِي رَأْس كُل مِنْهَا أُنْشُوطة يَقْذِفُهَا الرَّامِي الْحَاذِق فَتَعْلَق بِمَا رُمِيَت عَلَيْهِ.
(٦) دَجَا اللَّيْل: أَظْلَمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>