للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يَذْهَبَ إِلَى الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبَايِعَهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ؛ فَمَضَى إِلَى النَّبِيِّ الْكَرِيمِ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ غُلَامًا صَغِيرًا فِي مِثْلِ سِنِّهِ.

فَلَمَّا رَآهُمَا النَّبِيُّ مُقْبِلَيْنِ عَلَيْهِ لِمُبَايَعَتِهِ (١)؛ كَمَا يَفْعَلُ كَمَلَةُ (٢) الرِّجَالِ … تَبَسَّمَ سُرُورًا مِنْ صَنِيعِهِمَا وَمَدَّ يَدَهُ الْكَرِيمَةَ إِلَيْهِمَا وَبَايَعَهُمَا.

* * *

ظَلَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْر مَا امْتَدَّتْ بِهِ الْحَيَاةُ يَذْكُرُ هَذِهِ الْبَيْعَةَ …

وَالْتَزَمَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ وَأَمَرَ أَوْلَادَهُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ … فَقَدْ غَابَ ابْنُهُ مَرَّةً عَن الْبَيْتِ وَطَالَ غِيَابُهُ؛ فَلَمَّا عَادَ قَالَ لَهُ:

أَيْنَ كُنْتَ يَا بُنَيَّ؟!.

فَقَالَ: وَجَدْتُ قَوْمًا مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ …

لَقَدْ كَانُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى؛ فَيُرْغِي (٣) أَحَدُهُمْ وَيُرْعِدُ (٤) حَتَّى يُغْشَى (٥) عَلَيْهِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ؛ فَقَعَدْتُ مَعَهُمْ نَهَارِي كُلَّهُ.

فَقَالَ لَهُ: لَا تَقْعُدْ مَعَهُمْ بَعْدَ هَذِهِ الْمَرَّةِ يَا بُنَيَّ أبَدًا …

فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ؛ يَتْلُو الْقُرْآنَ، وَيَذْكُرُ اللَّهَ ؛ أَطْيَبَ الذِّكْرِ وَأَعْمَقَهُ وَأَصْدَقَهُ.

وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا يَتْلُونَ الْقُرْآنَ


(١) لمبَايعته: تأييده على نصرة الإسلام.
(٢) كملة الرِّجَال: جمع كامل وهو الجامع للمناقب الحسنة.
(٣) فيرغي: يضج غضبًا.
(٤) يُرْعد: يرتعد خوفًا.
(٥) يغشَى عَلَيْهِ: يغمى عليه فلا يدري شيئًا مما حوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>