للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَنَظَرَ إِلَيْنَا فِي حُنُوٍّ - وَكَأَنَّمَا حَرَّكَتْ كَلِمَتُنَا أَشْجَانَهُ (١) - وَقَالَ:

وَأَنَا تُحَدِّثُنِي نَفْسِي بِأَنْ أَمْضِيَ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَسَأَصْحَبُكُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَعَانَ.

* * *

ثُمَّ نَادَى؛ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأَخْبِيَةِ شَبَابٌ كَثِيرٌ كَأَنَّهُمُ النُّجُومُ الزُّهْرُ؛ فَجَمَعَهُمْ، وَخَطَبَهُمْ، وَأَوْصَاهُمْ ثُمَّ قَالَ:

إِنَّكُمْ يَا بَنِيَّ لَمْ تَرَوْا مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا أَطْرَافَهُ …

وَلَمْ تَرَوْا مِنَ الشَّرِّ إِلَّا أَطْرَافَهُ أَيْضًا …

وَلَا يَفُتْكُمْ أَنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ (٢) فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي النَّارِ …

وَأَنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ (٣) حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ …

وَأَنَّ الْآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ عَادِلٌ …

وَأَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بَنُونَ …

فَكُونُوا أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ، وَلَا تَكُونُوا أَبْنَاءَ الدُّنْيَا.

ثُمَّ أَعْلَنَ لَهُمْ عَزْمَهُ عَلَى الرَّحِيلِ مَعَنَا إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ؛ فَجَعَلُوا يَنْتَحِبُونَ (٤) بُكَاءً عَلَى فِرَاقِهِ، وَيَسْأَلُونَهُ الرِّضَى عَنْهُمْ وَالدُّعَاءَ لَهُمْ.

قَالَ فَتَى مُجَاشِعٍ:

فَقُلْتُ لِلْوَاقِفِينَ حَوْلِي: مَنْ هَذَا الَّذِي تَفِيضُ الْحِكْمَةُ مِنْ جَوَانِبِهِ؟!.


(١) أشجَانه: أحزانه.
(٢) بحذَافيره: بجُملته.
(٣) عَرَض: متاع.
(٤) النحيب: شدة البكاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>