للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كَمَا اخْتَارَ أُمَّ شَدَّادٍ؛ لِتَنْزِلَ ابْنَتُهُ رُقَيَّةُ فِي جَوَارِهَا …

فَلَقِيَ عُثْمَانُ وَزَوْجَتُهُ فِي كَنَفِ (١) هَذَا الْبَيْتِ الْمُؤْمِنِ مِنْ كَرِيمِ الرِّعَايَةِ، وَعَظِيمِ الْعِنَايَةِ مَا يَلِيقُ بِمَنْزِلَتِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ .

وَقَدْ تَيَسَّرَ لِشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ - بِسَبَبِ صِلَتِهِ بِالرَّسُولِ أَنْ يَأْخُذَ الْعِلْمَ مِنْ أَصْفَى مَنَاهِلِهِ وَأَغْزَر مَوَارِدِهِ (٢)؛ حَتَّى قَالَ عَنْهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ :

إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فَقِيهًا …

وَإِنَّ فَقِيهَ هَذِهِ الْأُمَّةِ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ الْأَنْصَارِيُّ.

* * *

كَمَا أَتَاحَتْ لَهُ صِلَتُهُ بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنْ يَتَمَرَّسَ (٣) عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ عَلَى يَدَيْ عَلَمٍ مِنْ أَعْلَامِ التُّقَى وَالصَّلَاحِ؛ فَبَلَغَ فِي هَذَا الْمَيْدَانِ شَأْوًا (٤) لَمْ تَبْلُغْهُ إِلَّا الْقِلَّةُ الْقَلِيلَةُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ، وَلَمْ يَحْظُ بِهِ إِلَّا السَّابِقُونَ الْمُقَرَّبُونَ.

فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ لِيَنَالَ قَدْرًا مِنَ الرَّاحَةِ؛ ظَلَّ يَتَقَلَّبُ فِي مَضْجَعِهِ؛ كَأَنَّهُ فَوْقَ نُحَاسٍ مَحْمِيٍّ وَهْوَ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ! إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ أَقْلَقَتْنِي؛ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنَامَ …

وَأَذْهَبَتِ الْكَرَى (٥) عَنْ عَيْنِي؛ فَمَا أُطِيقُ أَنْ أَغْفُوَ.


(١) في كنَفِ: في رعاية.
(٢) أغزر موارده: أكثرها.
(٣) يتَمَرَّس: يتدرب.
(٤) شأوًا: غاية وأمدًا.
(٥) الْكرَى: النوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>